(العربية) لافروف وكيري: حل الأزمة في سورية سياسي ومتفقون على بذل كل الجهود لإنجاح مؤتمر جنيف2 ودعم مشاركة جميع الأطراف فيه

أكد وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأمريكي جون كيري دعمهما عقد المؤتمر الدولي حول سورية في جنيف وضرورة بذل كل الجهود من أجل إنجاحه مع دعم مشاركة جميع الأطراف فيه مشددين على أن “حل الأزمة في سورية سياسي ولا مكان للحل العسكري”.

وشدد لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع كيري والمبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي أمس على أن روسيا تدعم “بشكل قوي التئام مؤتمر جنيف2 في الثاني والعشرين من كانون الثاني” وتدعو “إلى عقده في موعده المحدد” مبينا أن اجتماعه بنظيره الأمريكي والأخضر الإبراهيمي توصل إلى “أرضية مشتركة وأكد أن مؤتمر جنيف2 يجب أن يكون مكرسا لتطبيق بيان جنيف الذي تم التوصل إليه في العام 2012”.

وقال لافروف “لا نريد أن يتأجل المؤتمر وكل ما يجب القيام به قبله نحاول القيام به ونقوم بإرسال الإشارات الضرورية لكل الأطراف حول أهمية التوصل إلى وقف العنف في مناطق محددة بشكل محلي والحاجة لوضع لائحة بالسجناء كما نحاول تعزيز فرصة تقديم المساعدات الإنسانية للمناطق التي باتت مغلقة ومحاصرة”.

وبين لافروف أن الحكومة السورية “عبرت عن استعدادها لتوفير المساعدات الإنسانية أو ممرات آمنة لها” وأنه ينتظر “خطوات مماثلة من جانب المعارضة حيال المناطق السورية التي باتت محاصرة من جانبها” مشيرا إلى أنه عبر خلال اجتماعه مع كيري “عن الحاجة إلى الاتفاق مع المعارضة بدعم من الصليب الأحمر الدولي والولايات المتحدة وروسيا حول توفير المساعدة الإنسانية لمنطقة الغوطة الشرقية وبعض ضواحي دمشق”.

وأوضح لافروف أن هذه الأمور لا تمثل شروطا مسبقة وأولوية لكنها تعبر عن “الفهم المشترك” لها بين روسيا والولايات المتحدة كما أنها “شروط تمكن من مساعدة المدنيين بالتعاون والتنسيق مع المعارضة والحكومة”.

وذكر لافروف بقرارات مجموعة الدول الثماني وبيانها الختامي “الذي يحث الحكومة والمعارضة في سورية على ضم الجهود لمحاربة الإرهاب الذي بات يخيم على سورية” مشددا على أن مسألة محاربة الإرهاب “أساسية في جنيف2 وإن لم تحل لن ينجح هذا المؤتمر”.

وأشار لافروف إلى أنه التقى وفدا لما يسمى “الائتلاف المعارض” وعبر له “عن قلقه حيال الإرهاب الذي بات يخيم على سورية إضافة إلى الحاجة إلى التوصل إلى تعاون إيجابي وواضح من جانب المعارضة حيال تمثيلها في مؤتمر جنيف2 وأنه لا بد من تمثيل جميع الأطراف المعنية” كما أبلغه قلقه “حيال إمكانية التأخر” في عقد المؤتمر وحثه على أن “يحدد بأسرع وقت ممكن السلوك الذي سيعتمده”.

وأكد لافروف “ضرورة مشاركة إيران والسعودية على حد سواء في مؤتمر جنيف2” مشيرا إلى أن روسيا والولايات المتحدة ستقومان بكل ما في وسعهما لتسهيل عقده مشيراً إلى أن “مسار الحل في جنيف لن يكون لمرة واحدة وسنبذل كل ما في وسعنا لكي نضمن مواصلة الحوار والتفاوض بين السوريين لكي يبتوا في مستقبلهم ويقرروا ما هو هذا المستقبل”.

وقال لافروف.. “نحن ندعو إلى مشاركة إيران في مؤتمر جنيف2 والتوافق على بيان جنيف الأول هو شرط مسبق أيضا للمشاركة في المؤتمر” مبيناً أنه “ليس كل البلدان ستكون مستعدة للقيام بذلك كما أن بعض البلدان المدعوة إلى جنيف2 لا تريد صراحة أن ينجح هذا المؤتمر ولقد شهدنا مشاركتها فيما يحدث في سورية”.

ولفت لافروف إلى أنه يوجد في سورية عدد كبير من المجموعات الإرهابية حيث تعمل فصائل “جبهة النصرة” و”دولة الإسلام في العراق والشام” و”الجبهة الإسلامية” والمسلحون من جميع هذه التنظيمات ينتقلون من تنظيم إلى آخر انطلاقا ممن يدفع أكثر لهم.

وأوضح لافروف أن هناك عددا كبيرا من المرتزقة كما لدينا إطلاع على ميثاق الجبهة الإسلامية الذي يدعو “الجهاديين الأجانب للوصول قدما إلى سورية والانضمام إلى صفوفها” مشدداً على أن أي محاولات لتصوير هذا التنظيم على أنه تنظيم معارض للإرهابيين غير صحيح إذ انه ليس هناك خلاف كبير بين هذه التنظيمات الإرهابية.

وقال لافروف.. “عندما نتحدث عن ضرورة وقف العنف ولو محليا وضرورة المزيد من التقدم في فتح ممرات إنسانية وإيصال المساعدات الإنسانية يجب أن نأخذ بعين الاعتبار كل مسائل الأمن” ولا نريد أن تستفيد التنظيمات الإرهابية من ذلك.

وأشار لافروف إلى أن الحكومة السورية “اتفقت مع المعارضة في المعضمية من أجل توصيل المساعدات الإنسانية كما أعلنت الحكومة اليوم (الاثنين) أنها سوف تقوم بتمرير القوافل الإنسانية إلى مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين” لافتا إلى أنه قبل عدة أيام “تم اتخاذ مثل هذه المحاولة ولكن القوى الإرهابية قوضتها”.

وأكد لافروف أن الحكومة السورية مستعدة للتوصل إلى الاتفاق بناء على المساهمة من قبل منظمة الصليب الأحمر وروسيا والولايات المتحدة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الغوطة الشرقية وبعض مناطق ريف دمشق.

ولفت لافروف إلى أنه “في حال عدم وصول المساعدات لا بد من تلبية احتياجات المتضررين وليس إلقاء التهم وتوجيه التهديدات إلى جهة مجهولة” مشيرا إلى أن المجموعات الإرهابية المسلحة “تقوم بتقويض محاولات إيصال المساعدات الإنسانية حتى أنهم يقتلون ويهاجمون الموظفين من الأمم المتحدة”.

بدوره أوضح كيري أنه اتفق مع نظيره الروسي على بذل قصارى الجهد لجمع كل الأطراف المعنية في جنيف والمضي قدماً في مسار حل الأزمة في سورية الذي “نعرف جميعا أنه سيكون صعبا وسيتطلب بعض الوقت ولكن يجب أن نبدأ به الآن” مجدداً التأكيد على أن حل الأزمة في سورية يجب أن يكون حلا سلميا وليس عسكرياً.

وأشار كيري إلى أن الولايات المتحدة وروسيا التقتا بشكل ثنائي قبل اللقاء مع المبعوث الدولي واتفقتا بشكل كامل على أن “العنف والمعاناة التي لا مغزى لها في سورية ويجب أن تتوقف” وأن “الأزمة الإنسانية لا تؤثر فقط على ملايين السوريين ولكن أيضا على الشعوب المجاورة في تركيا ولبنان والأردن وهو ما يؤدي إلى اضطراب غير مقبول بتاتاً”.

وبين كيري أن الولايات المتحدة وروسيا يجب أن تستخدما كل ما تملكانه من قدرات وعلاقات بهدف تشجيع الأطراف وأصحاب المصلحة للاجتماع على طاولة حوار واحدة في جنيف موضحاً أن “هذا المسار هو الذي سيفضي إلى إنهاء عدم الاستقرار والعنف من خلال التسوية التي سيتم التوصل إليها عبر المفاوضات وتطبيق بيان جنيف”.

وعبر وزير الخارجية الأمريكي عن أمله بأن يكون اللقاء بين الحكومة السورية والمعارضة في جنيف بداية نهاية الأزمة مشيراً إلى أن الولايات المتحدة وروسيا اتفقتا على بذل كل الجهود وكل ما تملكان من تأثير وقدرات لتشجيع كل الأطراف للتوصل إلى هذا الحل إلا انه في نهاية المطاف يعود الأمر للشعب السوري لكي يقرر مستقبله مع اضطلاع المجتمع الدولي بدور مهم للدفع نحو الاتفاق.

ولفت كيري إلى أنه تمت مناقشة عدد من القضايا التي تعتبر أنها تساهم في تحضير الأرضية لتحقيق النجاح في جنيف2 وتحدثنا عن “إمكانية التوصل لوقف العنف على مستوى محلي” مبيناً أن المسألة الأهم في النقاش كانت “الوصول إلى الممرات الإنسانية” وقد تناقش الوزير لافروف مع الحكومة السورية بهذا الأمر وأبدت استعدادها لفتح بعض الممرات ولا سيما في منطقة الغوطة.

واعتبر كيري أن معاناة الشعب السوري تتطلب عملا والتحرك بمسؤولية دولية وبالتالي على الجميع الدفع باتجاه السلام والاستقرار الذي يتوق إليه الشعب السوري لكي يتمكن من رسم ملامح مستقبله وتقرير مستقبل بلاده وأيضاً ليتم تحقيق استقرار المنطقة.

وأوضح كيري إنه في الأيام التي ستؤدي إلى الحوار الذي سيعقد في مونترو في سويسرا ستواصل الولايات المتحدة محادثاتها الوثيقة مع شركائها الدوليين بما في ذلك المبعوث الإبراهيمي ونظراؤنا الروس كما سنبقى على تواصلنا الوثيق مع “الائتلاف المعارض” مشدداً على أن الولايات المتحدة تعتقد أن “الشرط الأوحد المسبق للمشاركة في مؤتمر جنيف2 يجب أن يكون تقديم الدعم لبيان جنيف1”.

وأعرب كيري عن توافقه التام مع نظيره لافروف حول وجود “مجموعات مسلحة مختلفة بعضها غير مقبول أبدا لدى المعارضين الآخرين الأكثر اعتدالا والمدعومين من قبل بعضنا في المنطقة” على حد زعمه معتبرا أن بعض هذه المجموعات “متطرفة للغاية وبعضها معتدل سواء كان في المنطقة أم الغرب”.

وشدد وزير الخارجية الأمريكي على أن “مجموعات كـ دولة الإسلام في العراق والشام وجبهة النصرة والقاعدة كلها منظمات إرهابية وأن كيفية تصرف هذه المنظمات مرفوضة تماما” مبيناً أن “هذا هو الهاجس الذي نتشارك به مع روسيا والأطراف الأخرى في المنطقة”.

ونبه كيري إلى أن “الإرهابيين الذين تم ذكرهم يعقدون الوضع الراهن ويشكلون سببا من الأسباب لضرورة انعقاد مؤتمر جنيف2 لحل الأزمة في سورية بالطريقة السياسية الصحيحة إذ ليس هناك حل عسكري للنزاع” محذرا من أن “السماح للأزمة بالتوسع سيصب في مصلحة المسلحين وأن كل الدول ستخسر بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة وكذلك دول المنطقة ولذلك فإن من الضروري التحرك بالسرعة الكافية فيما لا تزال المؤسسات السورية تعمل لنقوم بتعزيزها ونحاول إيجاد حل سلمي”.

وفيما يتعلق بمشاركة إيران في المؤتمر أعلن كيري عن “ترحيب الولايات المتحدة بمشاركة إيران في مؤتمر جنيف2 إذا كانت تخدم أهداف المؤتمر” وقال.. “إنها ليست قضية إيديولوجية بل قضية منطقية وعملية ففي حال كانت إيران تود المشاركة للارتقاء بهدف المؤتمر ودعمه فنحن نرحب بمشاركتها وقد طلبنا من إيران عدة مرات تأييد التوافق المشترك حيال بيان جنيف”.

وأوضح كيري أن إيران بحاجة لإعلام الأمم المتحدة بأنها تنوي الذهاب إلى مؤتمر جنيف2 بنية تطبيق بيان جنيف ودعم التوافق المشترك بين الأطراف في سورية ودعم وجود حكومة انتقالية معربا عن أمله بأن “تكون إيران مستعدة للقيام بذلك وأن تكون بناءة في هذا الاتجاه” زاعماً في الوقت ذاته أنها “تشكل طرفا أساسيا فيما يتعلق بالتبعات السلبية فيما يحصل في سورية”.

وقال كيري فيما يتعلق بوقف العنف فإن الوضع “معقد للغاية” على الأرض في سورية مشيرا إلى أن ما سماها المعارضة المعتدلة أعربت “أنها ستلتزم وستعزز هذا الإجراء” مبينا أن هناك “مجموعات أخرى في حلب مثلا حيث تعتقد الولايات المتحدة أن بإمكانها تحقيق خطوة للأمام فيها لبناء أرضية تعزز الثقة” ومؤكدا في الوقت ذاته ضرورة البدء “ببناء مسار يسمح بعزل الأطراف السلبية في سورية التي في حال أصرت على ممارساتها المتطرفة فإنه سيكون هناك عواقب في مواجهتها”.

وختم كيري بالتأكيد على أنه لا بد من التوصل إلى حل سلمي في سورية وأن تكون الحكومة تتلقى دعم الجميع بمن فيهم الولايات المتحدة لتتمكن من التعامل مع المتطرفين الذين لا يخضعون لأي سلطة قانونية ولا يخضعون لأي قيم وأخلاق مشيراً إلى أن “هؤلاء المتطرفين هم خارج أي عملية تسعى للسلام ولن يكون لديهم أي مكان في تقرير مصير سورية الذي سيقرره الشعب السوري”.

من جانبه قال الأخضر الإبراهيمي “إن على الشعب السوري أن يبدأ في بناء ما أسميه بسورية الجديدة وأعتقد أن السوريين يعترفون أنفسهم بجدية وخطورة هذه الأزمة التي يمرون بها منذ ثلاث سنوات ولا شك أنهم بحاجة إلى الكثير من المساعدات من الخارج ومن جانب بلدان كالولايات المتحدة وروسيا ومجموعة الدول الخمس إضافة إلى الدول المجاورة”.

وشدد الإبراهيمي على أنه “حان الوقت كي تظهر المساعي الابتكارية والإرادة لحل مشاكل سورية وأزمتها التي تؤثر بحد ذاتها على الدول المجاورة مثل لبنان والعراق معتبراً أن الجميع يتطلع قدما للمؤتمر الذي سيعقد في 22 الشهر الحالي ولأن يكون للبلدان المجاورة الدور الأساسي لتشجيع السوريين على إطلاق الحوار بناء على بيان جنيف1”.

وأوضح الإبراهيمي أن “إيران دولة مهمة جدا في المنطقة ويجب أن تكون حاضرة في مؤتمر من هذا النوع” معبرا عن الامتنان للجهود التي تبذلها روسيا والولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى دول أخرى لتحضير أفضل مناخ ممكن لمؤتمر جنيف2.

وكانت المباحثات بين لافروف وكيري تركزت أمس على بحث التحضيرات الجارية لعقد المؤتمر الدولي حول سورية جنيف 2 في مدينة مونترو السويسرية يوم 22 الشهر الجاري وتؤكد سورية مراراً وتكراراً بأنها ستحضره لتحقيق مصالح الشعب السوري ووفق مبادئ السيادة الوطنية ولوقف الإرهاب بينما لم تخرج معارضة الخارج وعلى رأسها ائتلاف الدوحة بأي قرار حتى الآن للمشاركة في المؤتمر وسط انقسامات كبيرة في صفوف المجموعات الإرهابية التكفيرية وتقاتلها على الأرض.

                                                                             (المصدر: وكالة سانا للأنباء “Sana” بتاريخ 14/1/2014)