(العربية) الغرب يبتعد عن السعودية ويغيّر نظرته لما يجري في سورية

بعد أن أدركت الفشل الذريع الذي منيت به في رهانها على سورية وعجزها عن تحقيق أهدافها في تدمير الدولة السورية أكد الكاتب البريطاني روبرت أوبورن أن القوى الغربية وحلفاءها في الشرق الأوسط بدأت بتغيير موقفها إزاء الأزمة في سورية وإبعاد نفسها عن الجهات التي تدعم الإرهاب العالمي بشكل علني وواضح مثل السعودية وشركائها في الخليج، معتبراً أن عزل بندر بن سلطان وروبرت فورد عن الملف السوري دليل على تغير في نظرة القادة الغربيين تجاه ما يجري في سورية.

وفي مقال نشرته «ديلي تلغراف» البريطانية أمس لفت أوبورن إلى وجود دلائل مثيرة للاهتمام تشير إلى وجود تغير في مسار القادة الغربيين ولو لم يكن على نطاق واسع تجاه ما يجري في سورية، مشيراً إلى أن من أبرز هذه الدلائل الاختفاء الغامض لرئيس المخابرات السعودية بندر بن سلطان الذي أبعد مؤخراً عن مهمة قيادة الملف السوري بعد اضطلاعه بمسؤولية تدمير الدولة السورية قبل عامين بتوجيه من الولايات المتحدة.

وقال أوبورن: إن بندر وبعد تكليفه من ملك السعودية بمهمة تدمير سورية بدأ بضخ الأموال والموارد السعودية غير المحدودة لإنجاز مهمته تلك ودعم مجموعة واسعة من المجموعات الإرهابية بما فيها التكفيرية التي بدأت تشكل مصدر قلق متزايد داخل بيت آل سعود نفسه.

وأشار أوبورن إلى أن بندر لم يحضر الاجتماع السري لقادة الاستخبارات السعودية والأمريكية الذي عقد مؤخراً في واشنطن لمناقشة الوضع في سورية ورغم احتفاظه بلقبه الرسمي كمستشار للأمن الوطني ومدير المخابرات السعودية إلا أن عمله انتهى.

وأكد مراقبون أن غياب بندر عن الاجتماع يدل على التغيير الناتج عن الفشل الذريع الذي مني به الأخير في إنجاز أي من أهدافه التي تخدم الحرب الإرهابية للقوى الغربية والعربية ضد سورية.

وأضاف أوبورن: إن عمل السفير الأمريكي السابق في سورية روبرت فورد انتهى هو الآخر بعد أن كان المنسق الأمريكي الرئيسي للإرهابيين في سورية والراعي الأول لهم خلال المفاوضات الدولية الأخيرة في إطار محادثات «جنيف2».

ولفت أوبورن إلى أن هذه التغييرات الجديدة تأتي وسط تقارير تفيد بمواجهة الولايات المتحدة للسعوديين بملف كامل من الأدلة التي تثبت تورط سلطات آل سعود في أعمال إرهابية مع وجود مؤشرات على احتمال تصنيف السعودية بشكل رسمي من مجلس الأمن الدولي كدولة راعية للإرهاب العالمي وعلى الرغم من أن هذا الأمر يبدو ضرباً من الخيال إلا أن زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الرياض الشهر المقبل ستكون غاية في الأهمية حسب الكاتب.

وتواجه الولايات المتحدة أزمة متنامية في علاقاتها مع السعودية وسط إصرار الأخيرة الواضح على زيادة تمويل وتسليح المجموعات الإرهابية في سورية وذلك ما كشفته تقارير جديدة حول عزم سلطات آل سعود على زيادة دعمها للإرهابيين في سورية من خلال تجهيزهم بأسلحة متطورة وصواريخ مضادة للطيران محمولة على الكتف.

وأشار أوبورن إلى معلومات يستقيها من الضابط السابق في جهاز الأمن الخارجي البريطاني الاستير كروك الذي ترك الخدمة قبل عشر سنوات لينشئ مركز أبحاث سماه منتدى النزاعات.

وقال أوبورن: إن آراء كروك ولاسيما بشأن الأزمة في سورية كانت دائماً محقة فهو الذي شكّك في اعتقاد الولايات المتحدة وبريطانيا بأن أمام الحكومة السورية «أسابيع قليلة للسقوط» وأكد أن هذا الاعتقاد ليس إلا مجرد أوهام كما شكّك في ترحيب الحكومات الغربية بالإرهابيين في سورية باعتبارهم «حركة تحرر وطنية ديمقراطية» وأشار إلى أن هناك مجموعات وعصابات إرهابية تمولها السعودية وغيرها من دول الخليج هدفها إنشاء «خلافة إسلامية متطرفة» في منطقة الشرق الأوسط وقد حذّر من هذا الأمر في بداية الأزمة في سورية.

ولفت أوبورن إلى أن مركز منتدى النزاعات دعاه إلى حلقة دراسية في بيروت حيث استمع لآراء ووجهات نظر مغايرة تماماً لما تنشره وسائل الإعلام البريطانية وأبرزها اعتقاد المشاركين بأن الرئيس بشار الأسد كسب الحرب وأن الإرهابيين في شمال سورية انقلبوا ضد بعضهم البعض.

وقال أوبورن: إن وجهة النظر الأخرى التي سمعها خلال الحلقة الدراسية تؤكد أن من يهدد استقرار الشرق الأوسط ليست إيران بل السعودية الحليف المقرب لبريطانيا والتي تدعم وتمول أبرز وأخطر المجموعات الإرهابية العالمية وهذه الحقيقة معروفة جيداً لدى وكالات الاستخبارات الدولية حتى لو لم تعترف الحكومتان الأمريكية والبريطانية بذلك.

وأضاف: إن العديد من المشاركين في الحلقة الدراسية أشاروا إلى الخطر الذي تواجهه السعودية في وقتنا الراهن بسبب تمويلها ودعمها للمجموعات الإرهابية التي تدعو إلى نزعة تكفيرية تنكر شرعية أي دولة بما فيها السعودية نفسها.

وقال أوبورن: إن هذه المشكلة بدأت بالظهور أيضاً في بريطانيا مع تزايد مخاوف الاستخبارات البريطانية من خطر المتطرفين البريطانيين الذين يقاتلون في سورية وما قد يفعلونه عند عودتهم إلى بلادهم.

وأضاف: إن الدول الداعمة للمجموعات الإرهابية في سورية بما فيها السعودية وبريطانيا والولايات المتحدة و«إسرائيل» تخوض صراعاً مريراً مع بعضها البعض دون وجود أي رؤية أو هدف مشترك بينها على عكس الدول المؤيدة لسورية مثل إيران وروسيا التي تستمر في دعمها لسورية مهما كانت العواقب.

وقال أوبورن: إن وجهات النظر التي سمعها خلال الحلقة الدراسية مؤثرة للغاية ولاسيما عندما يقابلها آراء متناقضة وأفكار واهمة يدلي بها الخبراء وصناع القرار الغربيون ولذلك فإنه ليس من المستغرب أن يكون التفكير في أروقة الحكومة البريطانية قديماً ومضللاًَ للغاية، حيث يمنع المسؤولون البريطانيون من مجرد الحديث إلى حزب الله.

وكانت سلطات آل سعود سحبت إدارة الملف السوري من بندر الرأس المدبر للحرب الإرهابية على سورية واستبدلته بمحمد بن نايف بعد أن فشل الأول في تحقيق أي هدف من أهداف المشروع الغربي في سورية.

وأكدت الوقائع أن بندر يتحمل بشكل رئيسي مسؤولية وصول جميع الإرهابيين العرب والأجانب والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة إلى سورية، وتزويدهم بالمال والسلاح إلى سورية وذلك بدعم من عائلة آل سعود التي عمدت إلى تسهيل تدفق المتطرفين لشن هجمات إرهابية في سورية تحت مسمى «الجهاد».

                                                                                         (المصدر: صحيفة تشرين بتاريخ 28/2/2014)