(العربية) الأسد: أدعو جميع القوى للاتحاد في مواجهة الإرهاب

دعا الرئيس السوري بشار الأسد الثلاثاء 15 سبتمبر/أيلول جميع القوى للاتحاد في مواجهة الإرهاب من أجل الوصول إلى الأهداف السياسية عبر الحوار.

تصريحات الأسد جاءت في مقابلة مع وسائل إعلام روسية الثلاثاء 15 سبتمبر/أيلول، تحدث فيها عن آخر تطورات الأزمة السورية وسبل الخروج منها.

نص المقابلة الكامل:

سيادة الرئيس، شكرا لكم لمنحنا جميعاً، من وسائل الإعلام الروسية، تلفزيون روسيا اليوم، وروسيسكايا غازيتا، القناة الأولى، وروسيا 24، ونوفوستي، وقناة إن تي في. شكراً لكم لإتاحة هذه الفرصة لنا والتحدث إلينا في هذه المرحلة الحرجة من الأزمة السورية. هناك العديد من الأسئلة التي ينبغي طرحها حول وجهة العملية السياسية لتحقيق السلام في سورية.

ما هي آخر التطورات في قضية محاربة “داعش”، ووضع الشراكة الروسية – السورية، وبالطبع تدفق الأعداد الهائلة من اللاجئين السوريين، وهو الذي يهيمن على عناوين الأخبار في أوروبا؟

الأزمة السورية دخلت عامها الخامس، وقد تحدّيتم جميع توقعات القادة الغربيين بتنحيتكم، وتستمرون في عملكم اليوم كرئيس للجمهورية العربية السورية.  كان هناك تخمين مؤخراً بعد تقارير تحدثت عن لقاءات بين مسؤولين من حكومتكم ومسؤولين من خصومكم، السعودية. البعض رأى أن العملية السياسية دخلت مرحلة جديدة. لكن السعودية تصر على رحيلكم وتقول إن الواقع لم يتغير رغم التهديد الخطير الذي تشكله مجموعات مثل “داعش” حتى في مناطق بعيدة عن الحدود السورية.

السؤال الأول:

إذاً، ما هو موقفكم حيال العملية السياسية؟ وكيف تشعرون حيال تقاسم السلطة والعمل مع مجموعات في المعارضة تستمر بالقول علناً إنه لن يكون هناك حل سياسي في سوريا ما لم يتضمن رحيلكم الفوري؟

هل أرسلوا لكم أي إشارات للعمل معكم؟ كان العديد من هذه المجموعات يطالبكم بإجراء إصلاحات وتغييرات سياسية. لكن هل يمكن إحداث مثل هذه التغييرات الآن في ظل الظروف الراهنة واستمرار الحرب والانتشار المتواصل للإرهاب في سوريا؟

الأسد:

دعيني أولاً أجزئ هذا السؤال، لأنه ينطوي على العديد من الأسئلة في سؤال واحد. فيما يتعلق بالجزء الأول بشأن العملية السياسية، منذ بداية الأزمة تبنينا نهج الحوار، وقد جرت عدة جولات للحوار بين السوريين، في سوريا، وموسكو، وجنيف. في الواقع، فإن الخطوة الوحيدة التي حققت إنجازاً كانت موسكو 2 وليس جنيف أو موسكو1، كما أنها خطوة جزئية وليست مكتملة، وهذا طبيعي لأن الأزمة كبيرة. لا يمكن التوصل إلى حلول في ساعات أو أيام قليلة، إنها خطوة إلى الأمام، ونحن بانتظار موسكو 3. أعتقد أن علينا الاستمرار في الحوار بين الكيانات السياسية أو الأحزاب السياسية السورية، بالتوازي مع محاربة الإرهاب من أجل التوصل إلى إجماع حول مستقبل سوريا. إذاً، هذا ما ينبغي أن نستمر فيه.

إذا كان لي أن أنتقل إلى الجزء الأخير، لأنه مرتبط بهذا الجزء، هل يمكن تحقيق أي شيء إذا أخذنا بالاعتبار انتشار الإرهاب في سوريا والعراق وفي المنطقة بشكل عام؟ علينا أن نستمر في الحوار من أجل التوصل إلى توافق، كما قلت، لكن إذا أردنا أن ننفذ أي شيء حقيقي، من المستحيل فعل شيء بينما يُقتل الناس، وبينما لم تتوقف إراقة الدماء، ولا يزال الناس يشعرون بانعدام الأمان.

لنقل إننا جلسنا معاً كأحزاب أو قوى سياسية سورية وتوصلنا إلى إجماع في موضوع سياسي، أو في الاقتصاد، أو التعليم، أو الصحة، أو أي شيء، كيف نستطيع أن ننفذ ما اتفقنا عليه إذا كانت أولوية كل سوري الآن هي أن يكون آمناً؟

إذاً، يمكن أن نتوصل إلى إجماع، لكننا لا نستطيع أن ننفذ شيئاً ما لم نهزم الإرهاب في سوريا. علينا أن نهزم الإرهاب وليس “داعش” فقط. أنا أتحدث عن الإرهاب، لأن هناك العديد من المنظمات، وبشكل أساسي “داعش” و”النصرة” اللذان أعلنهما مجلس الأمن مجموعتين إرهابيتين. هذا فيما يتعلق بالعملية السياسية، أما فيما يتصل بتقاسم السلطة، فقد تقاسمناها أصلاً مع جزء من المعارضة التي قبلت بتقاسمها معنا، قبل بضع سنوات انضموا إلى الحكومة. رغم أن تقاسم السلطة يتعلق بالدستور، والانتخابات، وبشكل أساسي الانتخابات البرلمانية، وبالطبع تمثيل الشعب السوري من قبل تلك القوى، لكن رغم ذلك، وبسبب الأزمة، قلنا لنتقاسم السلطة الآن، لنفعل شيئاً، خطوة إلى الأمام، بصرف النظر عن مدى فعالية تلك الخطوة.

فيما يتعلق بأزمة اللاجئين، أقول إن تعامل الغرب، ومن خلال الدعاية الإعلامية الغربية مؤخراً، خصوصاً خلال الأسبوع الماضي، وبصرف النظر عن الاتهام بأن أولئك اللاجئين يهربون من الحكومة السورية، أو ما يسمونه النظام، فإنهم يبكون على اللاجئين بعين بينما يصوّبون عليهم رشاشاً بالعين الأخرى.. هذا لأن أولئك اللاجئين تركوا سوريا في الواقع، بشكل أساسي بسبب الإرهابيين وبسبب القتل، وثانياً بسبب نتائج الإرهاب. عندما يكون هناك إرهاب، وعندما تدمر البنية التحتية، لن تبقى الاحتياجات الأساسية للحياة متوفرة، وبالتالي فإن الناس يهربون بسبب الإرهاب ولأنهم يريدون كسب رزقهم في مكان ما من العالم. وهكذا فإن الغرب يبكي عليهم بينما هو يدعم الإرهابيين منذ بداية الأزمة. في البداية قال إن هذه الانتفاضة سلمية، ومن ثم قال إنها معارضة معتدلة، والآن يقول إن هناك إرهاب كإرهاب “النصرة” و”داعش”، لكن ذلك بسبب الدولة السورية، أو النظام السوري أو الرئيس السوري. إذاً، طالما استمروا في اتباع هذا النهج الدعائي، فإنهم سيستقبلون المزيد من اللاجئين، فالمسألة لا تتعلق بأن أوروبا لم تقبل أو تحتضن اللاجئين، بل تتعلق بمعالجة سبب المشكلة، إذا كانوا قلقين عليهم، فليتوقفوا عن دعم الإرهابيين، هذا ما نعتقده فيما يتعلق بهذه الأزمة. هذا جوهر قضية اللاجئين.

السؤال الثاني:

السيد الرئيس تطرقتم الى موضوع المعارضة السورية الداخلية في جوابكم الأول وعلى الرغم من ذلك أريد أن أعود إليه من جديد حيث أنه هام جدا لروسيا. ما الذي يجب أن تفعله المعارضة الداخلية للتنسيق والتعاون مع السلطة السورية لمساندتها في القتال؟ هذا ما يصرحون به وما يعتزمون القيام به. وكيف تنظرون الى أفق لقاء “موسكو 3” و”جنيف 3″؟ هل هذا سيكون مفيدا لسوريا في الوضع الحالي؟

الأسد:

نحن الآن كما تعرف في حالة حرب مع الإرهاب، وهذا الإرهاب مدعوم من قوى خارجية، فهذا يعني أننا في حالة حرب كاملة اليوم.. أنا أعتقد بأن أيّ مجتمع وأيّ أشخاص وطنيين، أيّ أحزاب تنتمي فعلاً للشعب تتوحّد في حالات الحروب ضد العدو، سواء كان العدو إرهاباً من الداخل أو كان العدو إرهاباً من الخارج. اليوم لو سألنا أي سوري ما الذي تريده الآن.. أول شيءٍ سيقوله: نريد الأمان ونريد الأمن لكل شخص ولكل عائلة. فإذاً علينا نحن كقوى سياسية، سواء كانت هذه القوى داخل الحكومة أو خارجها أن نتوحّد حول ما يريده الشعب السوري.. هذا يعني أن نتوحّد أولاً ضد الإرهاب، هذا شيء بديهي ومنطقي.. لذلك أقول علينا الآن كقوى سياسية أو حكومة أو كمجموعات مسلحة حاربت ضد الحكومة أن نتوحد جميعاً من أجل مكافحة الإرهاب.. وهذا الشيء حصل، هناك قوى تحارب الإرهاب الآن مع الدولة السورية وهي كانت تقاتل الدولة السورية.. قطعنا خطوات في هذا المجال.. لكنني أستغل فرصة هذا اللقاء لأوجّه دعوة لكل القوى لكي تتّحد لمواجهة الإرهاب لأنه الطريق للوصول إلى الأهداف السياسية التي نريدها نحن كسوريين عبر الحوار وعبر العمل السياسي.

مداخلة: فيما يتعلق بموسكو 3 وجنيف 3.. حسب رأيكم هل هذا طريق ذو أفق؟

الأسد:

أهمية موسكو3 أنها تشكّل عملية تمهيد لجنيف3، لأن الرعاية الدولية في جنيف لم تكن حيادية أولاً، بينما الرعاية الروسية هي رعاية حيادية، ليست منحازة وتستند إلى القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن. ثانياً، هناك خلافات جوهرية حول بند الهيئة الانتقالية في جنيف.. المطلوب من موسكو3 أن يحلّ هذه العقبات بين الأطراف السورية المختلفة وعندما نصل إلى جنيف3 يكون هناك إجماع سوري يهيئ لنجاحه. نحن نعتقد أن من الصعب لجنيف3 أن ينجح إن لم ينجح موسكو3، لذلك نحن نؤيد عقد هذه الجولة من المفاوضات في موسكو بعد أن تكون التحضيرات لنجاح هذه الجولة قد اكتملت وخاصة من قبل المسؤولين الروس..

السؤال الثالث:

أرغب أن أستمر بموضوع التعاون الخارجي لتسوية الأزمة السورية. وفي هذا الصدد أودّ أن أسأل، ذلك أنه من الواضح بعد حلحلة الملف النووي الإيراني ستلعب إيران دورا أكثر نشاطاً في شؤون المنطقة. في هذا السياق كيف تقيّمون المبادرات الإيرانية الأخيرة والمتعلقة بتسوية الوضع في سوريأ؟ وبشكل عام ما مدى أهمية دعم طهران لكم؟ وهل هناك دعم عسكري؟ وفي حال وجوده ما هو شكله؟

الأسد:

حالياً لا يوجد مبادرة إيرانية، إنما توجد أفكار أو مبادئ لمبادرة إيرانية تستند بشكل رئيسي على موضوع سيادة سوريا، وطبعاً قرار الشعب السوري، وتستند إلى موضوع مكافحة الإرهاب.. طبعاً العلاقة بيننا وبين إيران علاقة قديمة عمرها الآن أكثر من ثلاثة عقود ونصف.. فيها تحالف، فيها ثقة كبيرة، لذلك نعتقد أن الدور الإيراني دور هام. إيران تقف مع سوريا ومع الشعب السوري.. تقف مع الدولة السورية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. ليس المقصود عسكرياً، كما حاول البعض تسويقه في الإعلام الغربي بأن إيران أرسلت جيشاً أو قوات إلى سوريا.. هذا الكلام غير صحيح.. هي ترسل لنا عتاداً عسكرياً، وهناك طبعاً تبادل للخبراء العسكريين بين سوريا وإيران وهذا الشيء موجود دائماً، ومن الطبيعي أن يزداد هذا التعاون بين البلدين في ظروف الحرب.. نعم الدعم الإيراني كان أساسياً من أجل مساعدة سوريا في صمودها في هذه الحرب الصعبة والشرسة.

السؤال الرابع:

في إطار حديثنا عن العوامل الإقليمية واللاعبين الإقليميين تحدثتم مؤخراً عن التنسيق الأمني مع القاهرة في مجال مكافحة الإرهاب، وأنكم في خندق واحد في هذا المجال.. كيف هي اليوم علاقتكم مع القاهرة وهي التي تستضيف بعض الفصائل المعارضة، هل هي علاقة مباشرة أم ربما عبر الوسيط الروسي لاسيما في ظل العلاقات الاستراتيجية بين روسيا ومصر.. الرئيس السيسي ضيف مُرحَّب به في موسكو اليوم..؟

الأسد:

العلاقة بين سوريا ومصر لم تنقطع حتى في السنوات الماضية.. وحتى عندما كان رئيس مصر هو مرسي الذي ينتمي لمجموعة الإخوان المسلمين الإرهابية أصرت المؤسسات المصرية على إبقاء شيء من هذه العلاقة، أولاً لوعي الشعب المصري لما يحصل في سوريا، وثانياً لأن المعركة التي نخوضها عملياً هي ضد عدو واحد، هذا الشيء أصبح طبعاً الآن أوضح بالنسبة للجميع، الأمور أصبحت واضحة.. الإرهاب منتشر في ليبيا ومصر، واليمن، وسوريا، والعراق، وفي بعض الدول الأخرى طبعاً، وفي دول إسلامية أخرى كأفغانستان، وباكستان وغيرها.. فإذاً أستطيع أن أقول إن هناك الآن رؤية مشتركة بيننا وبين الجانب المصري، لكن العلاقة الآن هي على المستوى الأمني، لاتوجد علاقة سياسية، أي لايوجد تواصل بين وزارة الخارجية السورية ووزارة الخارجية المصرية على سبيل المثال، التواصل على المستوى الأمني فقط.. نأخذ بالاعتبار الضغوط التي يمكن أن تترتّب ربما على مصر أو على سوريا ومصر من أجل ألا تكون هناك علاقة قوية، طبعاً هي لاتمر عبر موسكو. كما قلت، هذه العلاقة لم تنقطع ولكن اليوم نحن ننظر بارتياح لتحسّن العلاقة بين روسيا ومصر، وبنفس الوقت هناك علاقة جيدة وقوية وتاريخية بين موسكو ودمشق فمن الطبيعي أن تكون روسيا مرتاحة لأي تطورّ في العلاقة بين سوريا ومصر.

السؤال الخامس:

السيد الرئيس اسمحوا لي أن أعود الى مسألة مكافحة الإرهاب. كيف تنظرون الى فكرة إنشاء منطقة خالية من إرهابيي “داعش” في شمال البلاد على الحدود مع تركيا؟ في هذا السياق كيف يمكنكم التعليق على التعاون غير المباشر للغرب مع منظمات إرهابية مثل “جبهة النصرة” ومع مجموعات متطرفة أخرى؟ ومع من أنتم مستعدون للتعاون والقتال سويا ضد إرهابيي “الدولة الإسلامية”؟

الأسد:

أن نقول إن الحدود مع تركيا يجب أن تكون خالية من الإرهاب، فهذا يعني أن الإرهاب مسموح به في باقي المناطق، هذا الكلام غير مقبول.. يجب القضاء على الإرهاب في كل مكان ونحن ندعو منذ أكثر من ثلاثة عقود لتحالف دولي من أجل مكافحة الإرهاب.. ولكن بالنسبة لهذا الموضوع وبالنسبة لتعاون الغرب مع “جبهة النصرة” هو حقيقة واقعة، لأننا كلنا نعلم أن من يدعم اليوم “جبهة النصرة” ومن يدعم “داعش” بالسلاح وبالمال وبالمتطوعين الإرهابيين هي تركيا، ومن المعروف أن تركيا على علاقة وثيقة بالغرب، فأردوغان وأوغلو لايمكن أن يتحركا خطوة واحدة دون التنسيق أولاً مع الولايات المتحدة وطبعاً مع باقي الدول الغربية، فوجود “جبهة النصرة” ووجود “داعش” بهذه القوة في المنطقة هو بغطاء غربي لأن الدول الغربية تعتقد دائماً أن الإرهاب ورقة تستطيع أن تضعها في جيبك وتستخدمها من وقت لآخر، الآن يريدون استخدام “جبهة النصرة” ضد “داعش” فقط، ربما لأن “داعش” خرج عن سيطرتهم بشكل أو بآخر.. ولكن هذا لايعني أنهم يريدون القضاء على “داعش”، لو أرادوا لكانوا قادرين على القيام بهذا الشيء، بالنسبة لنا “داعش” و”جبهة النصرة” وكل المنظمات المشابهة التي تحمل السلاح وتقتل المدنيين هي منظمات متطرّفة. لكن مع من نتحاور.. هذا سؤال هام جداً؟ منذ البداية قلنا إن الحوار هو مع كل من يمكن أن يؤدي الحوار معه لتراجع الإرهاب وبالتالي الوصول إلى الاستقرار، طبعاً هذا يشمل بشكل طبيعي القوى السياسية، ولكن هناك أيضاً مسلحين حاورناهم وتوصلنا معهم لاتفاقات في مناطق كانت مضطربة وأصبحت هادئة.. وفي أماكن أخرى هؤلاء المسلحون انضموا للجيش السوري وهم يقاتلون معه اليوم وسقط منهم شهداء.. فإذاً نحن نحاور الجميع ماعدا تلك المنظمات التي ذكرتها كداعش والنصرة ومنظمات مشابهة، لسبب بسيط هو أن هذه المنظمات تعتمد بعقيدتها على الإرهاب.. هي منظمات عقائدية، هي ليست مجرد منظمات خرجت ضد الدولة كما هو حال عدد من المسلحين.. لا، هي من الناحية العقائدية تؤمن بالإرهاب وبالتالي الحوار مع هذه المنظمات لايمكن أن يؤدي إلى أي نتيجة حقيقية، لابد من أن نكافحها ونحاربها ونقضي عليها بشكل كلي والحوار معها غير مجدي على الإطلاق.

مداخلة: في حال الحديث عن الشركاء الإقليميين.. مع من أنتم مستعدون للتعاون في الكفاح ضد الإرهابيين؟

الأسد:

بكل تأكيد الدول الصديقة وفي مقدمتها روسيا وإيران.. والعراق نحن نتعاون معه لأنه يتعرض لنفس النوع من الإرهاب، بالنسبة للدول الأخرى لايوجد لدينا فيتو على أي دولة شرط أن تكون لديها الإرادة في أن تكافح الإرهاب وليس كما يفعلون الآن فيما يُسمّى التحالف الدولي من أجل مكافحة الإرهاب الذي تقوده أمريكا. في الواقع منذ بدأ هذا التحالف يعمل و”داعش” يتوسّع أي أنه تحالف فاشل ليس له تأثير حقيقي على الأرض.. بنفس الوقت لايمكن لدول مثل تركيا وقطر والسعودية ومعها الدول الغربية التي تغطي الإرهاب مثل فرنسا، أو الولايات المتحدة أو غيرها أن تقوم نفسها بمكافحة الإرهاب.. لايمكن أن تكون مع الإرهاب وضد الإرهاب في نفس الوقت.. ولكن إذا قرّرت هذه الدول أن تغيّر من سياساتها وتعرف بأن هذا الإرهاب هو كالعقرب إذا وضعته في جيبك فسوف يلدغك، عندها لايوجد لدينا مانع من التعاون مع كل هذه الدول شرط أن يكون هذا التحالف تحالفاً حقيقياً وليس وهمياً لمكافحة الإرهاب.

السؤال السادس:

ما هو الوضع الحالي للجيش السوري؟ حيث القوات المسلحة السورية تحارب منذ أكثر من أربع سنوات، هل استنزفتها الحرب أم أصبحت أقوى نتيجة العمليات العسكرية؟ وهل يوجد احتياط لدعم نشاطها؟ ولدي أيضاً سؤال مهم آخر.. قلتم إن عدداً كبيراً من خصومكم السابقين وخصوم الجيش السوري انتقلوا الى صفكم ويحاربون الآن في صفوف القوات الحكومية. فما هو حجمهم؟ وما مدى المساعدة التي يقدمونها في القتال ضد المجموعات المتطرفة؟

الأسد:

طبعاً، الحرب سيئة. أيّ حرب هي مدمّرة، أيّ حرب تضعف أيّ مجتمع وأي جيش، مهما يكن هذا البلد قوياً أو غنياً، لكن الأمور لا تقاس بهذه الطريقة. فالحرب من المفترض أن توحّد المجتمع ضد العدو، الجيش يصبح الرمز الأهم بالنسبة لأي مجتمع عندما يكون هناك عدوان على هذا البلد. يصبح هذا المجتمع حاضناً لهذا الجيش ويقدّم له كل الدعم المطلوب بما في ذلك الموارد البشرية، المتطوعين .. المجندين، لكي يقوموا بالدفاع عن الوطن. في نفس الوقت الحرب تعطي خبرة كبيرة لأي قوات مسلحة من الناحية العملية العسكرية. فإذاً هناك دائماً إيجابيات وسلبيات.. لا نستطيع أن نقول إن الجيش يضعف أو يقوى. لكن في المقابل هذ الاحتضان والدعم الشعبي للجيش هو الذي يؤمّن له المتطوعين. فإجابة على سؤالك: “هل هناك احتياط؟ “.. بالتأكيد، لو لم يكن هناك احتياط للجيش لما كان قادرا على الصمود أربع سنوات ونصف في حرب صعبة جداً، خاصة أن العدو الذي نقاتله اليوم، هو عدو لديه إمداد بشري غير محدود. نحن لدينا مقاتلون إرهابيون من أكثر من ثمانين أو تسعين دولة اليوم. تتحدث أنت عن حاضنة شعبية ربما تكون بالملايين من دول مختلفة ترسل أشخاصاً للقتال في سوريا مع الإرهابيين. أما بالنسبة لنا فالاحتياط هو احتياط سوري فقط بالدرجة الأولى. لذلك، نعم هناك احتياط، وهذا يجعلنا نستمر. وهناك تصميم. الاحتياط ليس فقط بالكادر البشري “بالأشخاص”، وإنما أيضاً بالإرادة. لدينا إرادة أكثر من ذي قبل بالقتال والدفاع عن بلدنا ضد الإرهابيين. هذه الحالة هي التي أدّت إلى أن بعض المسلحين الذين قاتلوا الدولة في البداية لأسباب مختلفة، اكتشفوا لاحقاً أنهم في الطريق الخاطئ، وقرروا الانضمام إلى الدولة. الآن يخوضون معارك مع الجيش، البعض منهم التحق بالجيش بشكل نظامي. البعض منهم أبقى سلاحه معه، لكنهم يقاتلون بشكل مجموعات مع القوات المسلحة في أماكن مختلفة في سوريا.

السؤال السابع:

السيد الرئيس.. روسيا ومنذ عشرين عاماً تقارع الإرهاب، ورأيناه بمظاهر مختلفة. والآن على ما يبدو أنتم وبالدرجة الأولى تصطدمون معه وجهاً لوجه، وعموماً العالم يرى الآن شكلاً جديداً للإرهاب. ففي المناطق التي يحتلها “داعش” يقوم بتشكيل محاكم وإدارات وهناك معلومات تشير إلى أنه ينوي إطلاق عملة خاصة به. وبهذا الشكل يعملون على بناء مظاهر الدولة. وهذا بدوره قد يجذب مناصرين جدداً أكثر فأكثر من دول مختلفة. هل يمكنكم أن تشرحوا لنا من تحاربون.. هل هي مجموعة كبيرة من الإرهابيين أم هي دولة جديدة تنوي إعادة رسم حدود المنطقة جذرياً والعالم بأسره؟ إذاً فما هو “داعش” اليوم؟

الأسد:

طبعاً، مجموعات “داعش” الإرهابية تحاول أن تعطي شكل الدولة، كما ذكرت، من أجل أن تجذب المزيد من المتطوعين الذين يعيشون بأحلام الماضي بأن هناك دولة ذات طابع إسلامي تعمل من أجل الدين، وهذا المظهر المثالي غير حقيقي، هذا مظهر خادع. لكن أي دولة لايمكن أن تأتي بشكل مفاجئ وبشكل جديد إلى أي مجتمع. الدولة يجب أن تكون من إنتاج هذا المجتمع، أن تكون تطوراً طبيعياً للمجتمع، لكي تعبّر عنه، تختلف قليلاً، ولكن في النهاية هي صورة عن المجتمع. لا يمكن أن تأتي بدولة من شكل آخر وتضعها في مجتمع. هنا نسأل سؤالاً : هل دولة “داعش”، أو ما يسمونه دولة “داعش”، أو مجموعة “داعش”، تشبه الشعب السوري؟ بكل تأكيد لا.

نحن لدينا طبعاً مجموعات إرهابية، لكنها لا تعبّر عن المجتمع. لديكم في روسيا مجموعات إرهابية اليوم، لكنها لا تعبّر عن المجتمع الروسي، ولا تشبه المجتمع الروسي المتنوّع والمنفتح. لذلك إذا حاولوا أن يطبعوا عملة أو طوابع أو جواز سفر، أو هذه الأشكال التي توحي بدولة لا يعني أنهم موجودون كدولة، لأنهم أولاً لا يشبهون الشعب، ثانياً، لأن الناس في تلك المناطق إما تهاجر باتجاه الدولة الحقيقية، الدولة السورية، الدولة الوطنية، أو أنها تقاتلهم في بعض الحالات.. وقلة محدودة جداً هي التي تصدّق هذه الأكاذيب. فهم ليسوا دولة بكل تأكيد، هم مجموعة إرهابية. لكن إذا أردنا أن نسأل من هم؟ دعنا نتحدث بشكل حقيقي أكثر.. هم المرحلة الثالثة من مجموعة السموم السياسية أو الإيديولوجية التي أنتجها الغرب والتي تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية. المرحلة الأولى كانت الإخوان المسلمين في بداية القرن الماضي. المرحلة الثانية كانت القاعدة في أفغانستان من أجل محاربة الاتحاد السوفييتي. والمرحلة الثالثة هي “داعش” و”جبهة النصرة” وهذه المجموعات. من هو “داعش”؟ ومن هي هذه المجموعات؟ هي بكل بساطة الإنتاج الغربي للتطرّف.

السؤال الثامن:

السيد الرئيس.. مع بداية الأزمة السورية ازدادت النقاشات حول القضية الكردية. في السابق تعرضت دمشق الى انتقادات شديدة نتيجة موقفها من الأقلية الكردية. لكن الآن واقعياً في بعض المناطق تعتبر التشكيلات الكردية حليفة لكم في المعارك ضد “داعش”. هل ظهر لديكم موقف محدد من هم الأكراد بالنسبة لكم ومن أنتم بالنسبة للأكراد؟

الأسد:

أولاً لا يمكن أن نقول إنه كانت هناك سياسة معيّنة للدولة تجاه الأكراد، لا يمكن لدولة أن تميّز بين أبناء البلد الواحد وإلا فهذا يخلق انقساماً بالبلد، لو كنا فعلاً نميّز بين مكوّنات المجتمع لما وقفت أغلبية هذه المكوّنات اليوم مع الدولة، ولانقسم البلد بشكل مباشر منذ البدايات، بالنسبة لنا الأكراد هم جزء من النسيج السوري، هم ليسوا غرباء، يعيشون في هذه المنطقة كالعربي وكالشركسي، وكالأرمني، وكثير من القوميات والطوائف الموجودة في سوريا، وتعيش فيها منذ قرون طويلة، البعض منها غير معروف متى أتى إلى هذه المنطقة، من دون هذه المجموعات لا يمكن أن تكون هناك سوريا المتجانسة، فإذا هل هم اليوم حلفاؤنا؟ لا.. هم أشخاص وطنيون، هذا من جانب.. من جانب آخر لا تستطيع أن تضع كل الأكراد في سلة واحدة، الأكراد كأي مكوّن سوري هم تيارات، ينتمون لأحزاب مختلفة، هناك اليسار واليمين، وهناك عشائر، وهناك أشكال مختلفة، فعندما نتحدث عن الأكراد ككتلة واحدة يكون هذا الطرح غير موضوعي..

فإذاً هناك مطالب كردية لدى بعض الأحزاب، وليست مطالب كردية للأكراد، هناك أكراد يعيشون مندمجين في المجتمع بشكل كامل، وأريد أن أؤكد أنهم ليسوا حلفاء في هذه المرحلة كما يحاول البعض أن يُظهر، فهناك شهداء من الجيش من الأكراد، هذا يعني أنهم يعيشون مندمجين في المجتمع، ولكن هناك أحزاب كان لها مطالب، قمنا بحلّ بعض هذه المطالب في بدايات الأزمة، هناك بعض المطالب التي لا ترتبط بالدولة، لا يمكن للدولة أن تقدمها، هناك أشياء متعلقة بالشعب ككل، بالدستور، لا بد أن يوافق الشعب على هذه المطالب، قبل أن نأخذ قراراً نحن كدولة.. على كل الأحوال، أي شيء يُطرح يجب أن يكون في الإطار الوطني، لذلك أقول نحن الآن مع الأكراد ومع مكوّنات أخرى، كلنا نتحالف من أجل قتال الإرهابيين، وهذا ما تحدّثت عنه منذ قليل، يجب أن نتوحّد من أجل قتال “داعش”، بعد أن ننتصر على “داعش” وعلى “جبهة النصرة” وعلى الإرهابيين، تصبح المطالب الكردية لدى بعض المكوّنات الحزبية الكردية، قابلة للنقاش وقابلة للطرح على الساحة الوطنية، لا يوجد أي مشكلة، لا يوجد لدينا فيتو على أي طلب، طالما أن هذا الشيء هو في إطار وحدة سوريا، ووحدة الشعب السوري والأرض السورية، ومكافحة الإرهاب، والتنوع السوري، وحرية هذا التنوّع بمعناه العرقي والقومي، وبمعناه الطائفي والديني.

السؤال التاسع:

السيد الرئيس.. أنتم أجبتم بشكل جزئي على هذا السؤال، ولكن أودّ الحصول على جواب أكثر دقة حيث بعض القوى الكردية في سوريا تطلب تعديل الدستور على سبيل المثال: إقامة إداراة محلية وصولاً إلى تشكيل سلطة حكم ذاتي في الشمال. الأكراد يقاتلون “داعش” وبدرجة من النجاح. هل أنتم متفقون مع مثل هذه المطالب؟  وهل يمكن مناقشة هذا الأمر؟

الأسد:

عندما ندافع عن بلدنا فنحن لسنا بحاجة لشكر، هذا الواجب الطبيعي أن نقوم بالدفاع عن بلدنا، فإذا كانوا يستحقون الشكر، فكل مواطن سوري دافع عن بلده يستحق الشكر، ولكن أنا أعتقد أن الدفاع عن الوطن واجب، وعندما تقوم بواجبك لست بحاجة للشكر، لكن ما تطرحه في البداية مرتبط بالدستور السوري، اليوم لو أردت أن تغيّر شكل البنية الموجودة لديك في بلدك، في روسيا، إعادة تقسيم الجمهوريات على سبيل المثال، أو إعطاء صلاحيات لجمهورية تختلف عن صلاحيات في جمهورية أخرى، هذا الموضوع لا يرتبط بالرئيس، ولا يرتبط بالحكومة، هذا الموضوع يرتبط بالدستور، الرئيس لا يملك الدستور، والحكومة لا تملك الدستور، من يملك الدستور هو الشعب، وبالتالي أي تبديل بالدستور بحاجة لحوار وطني.. بالنسبة لنا لا يوجد لدينا مشكلة في أي طلب، كما قلت، نحن كدولة لايوجد لدينا أي اعتراض في هذه المواضيع طالما أنها لا تمسّ وحدة سوريا وحرية المواطنين والتنوّع. ولكن إذا كانت هناك جهات في سوريا أو مجموعات أو شرائح لديها مطالب، فلا بد أن تكون في الإطار الوطني، في حوار مع القوى السورية، عندما يكون الشعب السوري متفقاً على القيام بخطوات من هذا النوع، لها علاقة بفيدرالية أو حكم ذاتي أو لامركزية، أو تبديل كل النظام السياسي، فهذا بحاجة لموافقة الشعب السوري، وبالتالي تعديل الدستور والعودة لاستفتاء، لذلك هذه المجموعات يجب أن تقنع الشعب السوري بطروحاتها.. فطروحاتها ليست حواراً مع الدولة وإنما مع الشعب، أما نحن فعندما يقرر الشعب السوري أن يسير باتجاه معين أو يوافق على خطوة معينة، فمن الطبيعي أن نوافق عليها.

السؤال العاشر:

التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة يشنُّ ضربات جوية على الأراضي السورية منذ أكثر من عام وفي نفس المناطق التي يقصف فيها سلاح الجو السوري أهدافاً لـ”داعش”، رغم ذلك لم يحدث أي صدام بين التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وسلاح الجو السوري. هل هناك أي تنسيق مباشر أو غير مباشر بين حكومتكم والتحالف في الحرب ضد “داعش”؟

الأسد:

ستفاجَئين إذا قلت: لا. أعلم أن جوابي لن يبدو واقعياً عندما أقول الآن، وبينما نحارب نفس العدو إذا جاز التعبير، ونهاجم نفس الأهداف وفي نفس المنطقة دون تنسيق، وفي نفس الوقت لا يحدث أي صدام. رغم أن هذا يبدو غريباً، لكنّه الواقع. ليس هناك أي تنسيق أو تواصل بين الحكومتين السورية والأمريكية أو بين الجيش السوري والجيش الأمريكي.

إنهم لا يستطيعون الاعتراف، ولا يستطيعون قبول حقيقة أننا القوة الوحيدة التي تحارب “داعش” على الأرض. بالنسبة لهم، ربما، إذا تعاملوا أو تعاونوا مع الجيش السوري فإن ذلك سيكون بمثابة اعتراف بفعاليتنا في محاربة “داعش”. هذا للأسف جزءٌ من العمى والعناد الذي تظهره الإدارة الأمريكية.

السؤال الحادي عشر:

إذاً، لا تنسقون معهم بشكل غير مباشر، عن طريق الأكراد مثلا؟ أقول هذا لأننا نعرف أن واشنطن تعمل مع الأكراد، ولدى الأكراد بعض الاتصالات مع دمشق. أنتم تقولون إنه ليس هناك حتى أي تنسيق غير مباشر؟

الأسد:

ليس هناك أي طرف ثالث، بما في ذلك العراقيون. في الماضي أبلغونا قبل بداية الهجمات من خلال العراقيين. منذ ذلك الحين لم نتبادل معهم أي رسالة أو اتصال من خلال أي طرف آخر.

السؤال الثاني عشر:

عشتم في الغرب، وتحرّكتم في دوائر القادة الغربيين الذين دأبوا منذ بداية الأزمة على دعم المجموعات المسلحة التي تحارب للإطاحة بكم. كيف تشعرون إذا قدّر لكم العمل مرة أخرى مع أولئك القادة الغربيين، وربما مصافحتهم؟ هل تستطيعون الوثوق بهم؟

الأسد:

أولاً، هذه العلاقات ليست شخصية، إنها علاقات بين الدول، وعندما نتحدث عن العلاقات بين الدول، فإننا لا نتحدث عن الثقة بل نتحدث عن الآليات. إذاً، الثقة أمرٌ شخصي لا يستطيع المرء الاعتماد عليه في العلاقات السياسية بين الناس. أعني أني هنا مسؤول عن 23 مليون نسمة في سوريا، ولنقل إن شخصاً آخر مسؤول عن عشرات الملايين في بلد آخر. لا يمكن وضع مصير عشرات ملايين الأشخاص أو ربما مئات الملايين رهناً بثقة شخص واحد، أو شخصين في بلدين. إذاً، ينبغي أن تكون هناك آلية. عندما يكون هناك آلية يمكن التحدث عن الثقة بطريقة أخرى وليس بطريقة شخصية. هذا أولاً. ثانياً، المهمة الرئيسية لأي سياسي، أو أي حكومة أو رئيس، أو رئيس وزراء، هو العمل لمصلحة شعبه وبلده. إذا كان الاجتماع مع أي شخص أو مصافحة أي شخص في العالم ستحقق المنفعة للشعب السوري، عليَّ أن أقوم بذلك، أحببت ذلك أم لم أحب. إذاً المسألة لا تتعلق بيّ، بما إذا كنت أقبل أو أرغب أو ما إلى ذلك. المسألة تتعلق بالقيمة المضافة التي ستحدثها الخطوة التي سأتخذها. إذاً، نعم، نحن مستعدون لفعل أي شيء لمصلحة الشعب السوري، مهما كان ذلك الشيء.

السؤال الثالث عشر:

بالحديث عن التحالفات في الحرب على الإرهاب و”داعش”، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا إلى تحالف إقليمي لمحاربة ما يعرف بـ”الدولة الإسلامية”، ولعل زيارات المسؤولين العرب الأخيرة إلى موسكو تأتي في هذا السياق، لكن وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال إن هذا الأمر بحاجة إلى معجزة. والحديث هنا بالتأكيد عن التنسيق الأمني كما وصفته دمشق في حال تمَّ مع حكومات الأردن وتركيا وأيضاً المملكة العربية السعودية. كيف ترون أنتم هذا التحالف.. برأيكم هل يمكن أن يأتي بنتيجة وكما قلتم الآن.. أي علاقة هي علاقة مصالح، فهل أنتم مستعدون مثلاً للتنسيق مع هذه الدول وماهي حقيقة اللقاءات التي جرت بين مسؤولين سوريين وربما مسؤولين سعوديين كما تحدثت الصحافة؟

الأسد:

بالنسبة لمكافحة الإرهاب.. هو موضوع شامل وكبير.. فيه جوانب ثقافية واقتصادية، وفيه جوانب أمنية، وفيه الجانب العسكري.. طبعاً، في الوقاية كل الجوانب الأخرى أهم من الجانب الأمني والعسكري، ولكن اليوم بالواقع الذي نعيشه في مكافحة الإرهاب وخاصة أنك لا تواجه مجموعات إرهابية، بل جيوشاً إرهابية لديها سلاح خفيف ومتوسط وثقيل.. لديها مليارات من الدولارات لتجنّد متطوعين.. لابد أن تكون الأولوية للجانب العسكري والأمني في هذه المرحلة.. فإذاً، بهذا الشكل نرى أن على التحالف أن يقوم بعمل في مجالات مختلفة ولكن أن يقوم بمحاربتهم على الأرض أولاً.. هذا التحالف من الطبيعي أن يتكون من دول تؤمن بمكافحة الإرهاب، وتؤمن بأن موقعها الطبيعي أن تكون ضد الإرهاب.. لا يمكن في الوضع الحالي أن يكون نفس الشخص الذي يدعم الإرهاب هو نفس الشخص الذي يقاتل الإرهاب.. هذا ما تفعله هذه الدول الآن.. السعودية، وتركيا، والأردن التي تتظاهر بأنها جزء من تحالف ضد الإرهاب في شمال سوريا لكنها تدعمه من الجنوب ومن الشمال الغربي ومن الشمال بشكل عام بنفس المناطق التي يقومون فرضياً بمكافحة الإرهاب فيها.. أعود وأقول: ضمن إطار المصلحة العامة.. إذا قررت هذه الدول أن تعود إلى الموقع الصحيح.. أن تعود إلى رشدها وتكافح الإرهاب فنحن من الطبيعي أن نقبل هذا الشيء ونتعاون معها ومع غيرها.. القضية ليست فيتو، وليست أن نبقى متمسكين بشيء في الماضي.. العلاقات السياسية تتبدل دائماً.. قد تكون سيئة وتصبح جيدة، والحليف يصبح خصماً، والخصم حليفاً.. هذا شيء طبيعي.. عندما يكون ضد الإرهاب سنتعاون معه.

السؤال الرابع عشر:

السيد الرئيس.. في الوقت الحالي هناك تيار كبير من اللاجئين، نسبة كبيرة منهم من السوريين، إلى أوروبا. هناك رأي يقول إن هؤلاء الناس عملياً فقدتهم سوريأ حيث أنهم مستاؤون جداً من السلطة السورية لأنها لم تستطع حمايتهم وكانوا مضطرين لترك بيوتهم. كيف تنظرون إلى أولئك الناس؟ وهل تنظرون اليهم كجزء من الناخبين السوريين مستقبلاً؟ وهل تتوقعون أنهم سيعودون؟ والسؤال الثاني يطال الذنب الأوروبي في نزوح اللاجئين الذي يحدث الآن. برأيكم هل أوروبا مذنبة بهذا؟

الأسد:

بالنسبة لأي شخص يخرج من سوريا، هو خسارة للوطن بكل تأكيد مهما كان موقع هذا الشخص أو إمكانياته، طبعاً هذا لا يشمل الإرهابيين، ولكن يشمل كافة المواطنين بشكل عام ما عدا الإرهابيين، لذلك نعم هناك خسارة كبيرة بسبب هذه الهجرة.. أنت طرحت سؤالاً يتعلق بالانتخابات.. في العام الماضي كان لدينا انتخابات رئاسية في سوريا وكان هناك الكثير من اللاجئين في دول مختلفة وخاصة في لبنان وكان المفترض حسب البروباغندا الإعلامية الغربية أن كل هؤلاء هربوا من الدولة.. من قمْع الدولة.. من قتْلها، والمفترض أنهم خصوم للدولة. وكانت المفاجأة بالنسبة للغربيين أن معظم هؤلاء ذهبوا للتصويت لصالح الرئيس.. المفترض أنه يقتلُهم، فكانت تلك ضربة كبيرة للبروباغندا، طبعاً التصويت له شروط معينة، أن يكون هناك سفارة.. أن يكون هناك رعاية للدولة السورية لعملية التصويت، هذا يعتمد على العلاقات مع الدول، فكثير من الدول قطعت علاقاتها مع سوريا وأغلقت السفارات السورية وبالتالي في تلك الدول لا يمكن أن يكون هناك تصويت للمواطن السوري وعليه أن يذهب إلى دولة أخرى فيها صندوق اقتراع، لكن هذا الشيء تمّ العام الماضي. بالنسبة لأوروبا طبعاً هي مذنبة، اليوم أوروبا تحاول التصوير بأن الذنب الأوروبي هو أنهم لم يقدموا الأموال أو ربما لم يسمحوا لهؤلاء المهاجرين بالهجرة بشكل نظامي إلى أوروبا، لذلك اضطروا إلى المجيء عبر البحر وغرقوا وماتوا فيه. كلنا نحزن على أي ضحية بريئة ولكن هل الضحية التي تغرق في البحر أغلى من الضحية التي تقتل في سوريا؟ هل هي أغلى من شخص بريء يُقطع رأسه من قبل الإرهابيين؟ كيف تحزن على طفل يموت في البحر ولا تحزن على آلاف الأطفال الذين ماتوا من قبل الإرهابيين في سوريا وأيضاً الشيوخ والنساء والرجال… الجميع. هذه المعايير المزدوجة الأوروبية لم تعد مقبولة وأصبحت مفضوحة وواضحة.. من غير المعقول أن تحزن على أشخاص لأنهم ماتوا ولا تهتم لأشخاص آخرين، المبادئ واحدة.. فإذاً أوروبا تتحمل المسؤولية لأنها هي التي دعمت الإرهاب كما قلت قبل قليل وهي مازالت تدعم الإرهابيين ومازالت توفر الغطاء لهم.. ومازالت تسميّهم معتدلين وتقسّمهم إلى مجموعات .. وكلهم مجموعات متطرفة في سوريا.

السؤال الخامس عشر:

اذا سمحتم أرغب بالعودة الى السؤال الذي يطال المستقبل السياسي لسوريا. السيد الرئيس خصومكم، سواءً أولئك الذين يحاربون ضد السلطة بالسلاح كما خصومكم السياسيون لا يزالوا يصرون على أن أحد أهم شروط السلام في البلاد هو رحليكم من الحياة السياسية ومن منصب رئيس الجمهورية. ما هو رأيكم بهذا الموضوع وليس بصفتكم رئيساً للدولة فقط إنما كمواطن سوري؟ ومن الناحية النظرية هل أنتم مستعدون للرحيل في حال شعرتم بضرورة ذلك؟

الأسد:

أضف إلى ما تقوله التسويق الإعلامي الغربي منذ البدايات كان حول فكرة أن سبب المشكلة هو وجود الرئيس، لماذا؟ لأنهم يريدون أن يصوروا أن كل مشكلة سوريا هي شخص، وبالتالي سيكون رد الفعل الطبيعي لدى كثير من الناس، إذا كانت المشكلة تتمثل في شخص فلا يمكن أن يكون هذا الشخص أهم من كل الوطن، فليذهب الشخص وتصبح الأمور جيدة. هذه هي طريقة تبسيط الأمور بالنسبة للغرب، الحقيقة ما يحصل في سوريا بهذا الموضوع مشابه لما يحصل لديكم، لاحظ في الإعلام الغربي منذ بدأ الانقلاب في أوكرانيا ما الذي حصل؟ تحول الرئيس بوتين من صديق للغرب إلى خصم وأصبح مرة يشبه بأنه قيصر، ومرة يشبّه بأنه ديكتاتور ويقمع المعارضة في روسيا، وأنه أتى بعملية غير ديمقراطية بالرغم من أنه انتُخب عبر انتخابات ديمقراطية والغرب كان يقول إنها انتخابات ديمقراطية عندما تمت. اليوم لم تعد ديمقراطية. هذا هو التسويق الغربي، يقولون إذا ذهب الرئيس تصبح الأمور أفضل، ماذا يعني هذا الكلام عملياً؟ يعني بالنسبة للغرب أنه طالما أنت موجود هنا كرئيس سنستمر بدعم الإرهاب لأن المبدأ الغربي المتّبع الآن في سوريا وروسيا ودول أخرى هو تبديل الرؤساء أو تبديل الدول أو ما يسمونه بلغتهم إسقاط الأنظمة، لماذا؟ لأنهم لايقبلون بشركاء ولا يقبلون بدول مستقلة، ما هي مشكلتهم مع روسيا؟ ما هي مشكلتهم مع سوريا؟ ما هي مشكلتهم مع إيران؟ أنها دول مستقلة. هم يريدون أن يذهب هذا الشخص ويأتي شخص آخر يقوم بالعمل من أجل مصلحتهم وليس من أجل مصلحة بلده. أما بالنسبة للرئيس كيف يأتي، يأتي عبر الشعب وعبر الانتخابات، وإذا ذهب لابد أن يذهب عبر الشعب، لا يذهب عبر قرار أمريكي ولا عبر قرار مجلس الأمن ولاعبر مؤتمر جنيف أو بيان جنيف، إذا أراده الشعب سيبقى، وإذا رفضه الشعب يجب أن يذهب فوراً. هذا هو المبدأ الذي أنظر من خلاله إلى هذا الموضوع.

السؤال السادس عشر:

العمليات العسكرية لا تزال مستمرة لأكثر من أربع سنوات. وعلى الأغلب تحللون وتنظرون الى الخلف كثيراً. حسب رأيكم هل كانت هناك لحظة فاصلة عندما عرفتم أن لا مفر من الحرب؟ ومن الذي أطلقها؟ هل هو تأثير واشنطن؟ أم هم جيرانكم؟ أم أنه كانت لكم أخطاء أيضاً؟ وهل ثمة أشياء تأسفون عليها؟ ولو عاد الزمن للوراء فهل كنتم ستغيرونها؟

الأسد:

أي دولة فيها أخطاء والأخطاء تحصل ربما كل يوم، لكن هذه الأخطاء ليست حالة فاصلة لأنها دائماً موجودة، فما الذي يجعل هذه الأخطاء فجأة تؤدي إلى الوضع الذي نعيشه في سوريا. هذا الكلام غير منطقي، قد تستغرب إذا قلت لك إن النقطة الفاصلة بما حصل في سوريا هي شيء قد لا يخطر في بال كثيرين، هي حرب العراق في عام 2003، عندما غزت أمريكا العراق، ونحن كنا ضد هذا الغزو بشكل قوي لأننا كنا نعرف أن الأمور تسير باتجاه تقسيم المجتمعات وخلق اضطرابات، ونحن بلد مجاور للعراق، عندما كنا نرى أن هذه الحرب ستحول العراق إلى بلد طائفي، ومجتمع منقسم على نفسه. وفي غرب سوريا هناك بلد طائفي آخر هو لبنان، ونحن في الوسط، فكنا نعرف تماماً أننا سنتأثر وبالتالي بدايات الأزمة في سوريا، ما حصل في البداية كان هو النتيجة الطبيعية لهذه الحرب وللوضع الطائفي في العراق الذي انتقل جزءا منه إلى سوريا وكان من السهل عليهم أن يقوموا بعملية تحريض بعض المجموعات السورية على أسس طائفية.

النقطة الثانية ربما تكون فاصلة بدرجة أقل هي عندما تبنى الغرب الإرهاب بشكل رسمي في أفغانستان في بداية الثمانينات وسماه في ذلك الوقت “مقاتلون من أجل الحرية” ولاحقاً في عام 2006 ظهر “داعش” في العراق وتحت الإشراف الأمريكي ولم يقوموا بمكافحته، كل هذه الأمور مع بعضها هي التي جعلت الظروف مهيأة لمثل هذه الاضطرابات بدعم غربي بأموال خليجية خاصة من قطر والسعودية، وبدعم لوجيستي تركي خاصة أن أردوغان هو شخص ينتمي للإخوان المسلمين بفكره وبالتالي يعتقد أن تغّير الوضع في سوريا وتغيّر الوضع في مصر وأيضاً في العراق سيعني أنه سيكون هناك سلطنة جديدة ولكن ليست سلطنة عثمانية وإنما سلطنة إخوانية تمتد من المحيط الأطلسي إلى البحر المتوسط يحكمها أردوغان. كل هذه العوامل مع بعضها وصلت بالأمور إلى هذا الشيء، أعود وأؤكد أن الأخطاء موجودة والأخطاء دائماً تلعب دوراً بأن توجد ثغرات ولكن لا تكفي، هي ليست مبررا وإذا كانت هذه الثغرات هي السبب فلماذا لم تشتعل الثورات في دول الخليج وخاصة في السعودية التي لا تعرف شيئاً عن الديمقراطية، هذا جواب بديهي أعتقد.

السيد الرئيس نشكر لكم تخصيص وقتكم لنا وإجاباتكم التفصيلية على أسئلتنا. نحن على علم أنه في سبتمبر/أيلول يصادف عيد ميلادكم اليوبيلي الخمسين. ومن أفضل الأمنيات في هذا الوضع عودة الأمان والسلام إلى بلادكم بأسرع ما يمكن. وشكراً.

                                                                                      (المصدر: وكالة روسيا اليوم للأنباء، بتاريخ 16/9/2015)