أين يذهب الرومانيون للدراسة؟

لم تعد الدراسة في الخارج أمراً جديداً بالنسبة للشباب في رومانيا، فسنوياً يزداد عدد الذين يختارون أنظمة تعليمية خارج البلاد بنسبة 20٪. وعلى الرغم من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلا أنها لا تزال تحتل قمة التفضيلات، لكن خريجي المدارس الثانوية أو الحاصلين على إجازة البكالوريوس الأكثر جرأة يتجهون إلى قارات أخرى. فما هي تكاليف الدراسة والمعيشة في هذه الوجهات المفضلة؟

وعلى الرغم من عدم إدراكهم لهذا الأمر بشكل كبير، إلا أن الطلاب الرومان يتماشون بشكل متزايد مع هذا الاتجاه للدراسة في الخارج، بهدف الحصول على تعليم دولي. حيث أن أكثر من 6000 طالب يذهبون للدراسة في الخارج كل عام.

وقالت أنا ماريا بابّ، مديرة جامعة انتغرال ايدو IntegralEdu. إنه تم “تسجيل زيادة 20٪ في عدد الطلاب المسجلين في المؤسسات التعليمية الأجنبية في العام الدراسي 2017-2018”.

وأضافت أنه “على مستوى الاتحاد الأوروبي، يتم تشجيع الشباب على تبني الحراك التعليمي في الخارج حيث تؤدي هذه الظاهرة إلى تنقل متعدد الثقافات والقيم، والذي سيكون له، بمرور الوقت، دور في تعزيز البنية الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية”.

وأما الوجهات المفضلة للطلاب الذين يذهبون للدراسة خارج البلاد فلا تزال كل من: بريطانيا وهولندا والدنمارك وألمانيا وفرنسا وسويسرا والولايات المتحدة الأمريكية. والمصادر الرئيسية للتمويل هي القروض الحكومية التي تمنحها معظم البلدان، وأيضاً المنح الدراسية أو المنح المختلفة المقدمة من الدول المضيفة.

ويبدو أنه حتى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي Brexit لم يؤثر على عدد المتقدمين للدراسة فيها، بل على العكس من ذلك، فقد سجل المستشار التعليمي لجامعة IntegralEdu زيادة بنسبة 12٪ لعدد المرشحين الذين اختاروا وجهة الدراسة هذه. ويرتبط تفسير ذلك بالمزايا الإضافية المتعددة التي تقدمها المملكة المتحدة بحيث من ناحية يمتلك الطلاب الاختيار بين برامج معيارية باختصاص واحد أو برامج مشتركة حيث يمكنهم دراسة تخصصين معاً. ومن ناحية ثانية يمكنهم اختيار برامج لدراسة الإجازة لمدة ثلاثة أو أربعة أعوام وإتاحة الفرصة لهم لإجراء دورات تدريبية وتبادل ثقافي مع البلدان الأخرى أثناء دراستهم.

وحتى بعد التصويت على مغادرة الاتحاد الأوروبي، واصلت بريطانيا منح القروض والمنح الدراسية للمتقدمين، وأما اسكتلندا فقد حددت في أوائل شباط أنه في العام الدراسي 2019-2020، سيستفيد الطلاب في الفضاء الأوروبي من التعليم المجاني للدراسات الجامعية الأولى.

وهناك بلد آخر سجل عدداً كبيراً من الطلبات هو ألمانيا. وقد اقترح في البداية أن يكون هناك ما مجموعه 350 ألف طالب أجنبي بحلول عام 2020، لكن ألمانيا تمكنت بالفعل من الوصول إلى هذا الحد منذ خريف العام الماضي.

ودليل آخر على أن الرومانيين لديهم اهتماماً متزايداً بالدراسة في الخارج هو الزيادة السنوية بنسبة 15٪ في عدد الطلاب الذين يختارون الدراسة في المدارس الثانوية خارج البلاد.

كما سجلت جامعة IntegralEdu نسبة مئوية أعلى من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5-18 الملتحقين في المعسكرات التعليمية تقدر بـ 30٪، كما تضاعف عدد طلاب المدارس الثانوية الذين اختاروا مثل هذه التجارب التعليمية.

وتقول تيودورا رادوكانو، مديرة قسم المدارس الثانوية في الخارج في إطار الجامعة المذكورة إن ” طلاب المدارس الثانوية الذين يذهبون إلى المعسكرات التربوية يهتمون إما بتعميق اللغة أو تجربة بيئة تعليمية. وكذلك بزيادة فرصهم في تلقي عروض من المؤسسات المرغوبة من قبلهم من خلال مثل هذه التجارب، كما يتكوّن لديهم إمكانية التكيف بشكل أسهل مع البيئة الدولية التي سيدرسون فيها. وعادة تتم هذه المشاريع خلال العطلة الصيفية، ويمكن للطلاب خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى برنامجهم التعليمي، اختيار ممارسة رياضات مختلفة راقية مثل الجولف وركوب الخيل، أو لعب كرة القدم في النوادي، مثل نادي أرسنال أو تشيلسي.

ولغاية الآن ومن خلال جامعة انتغرال ايدو فإن ما يقرب من 25% من بين الطلاب الذين غادروا لاستكمال دراستهم، نجحوا في الحصول على منح دراسية. وتقول تيودورا رادوكانو: ” هناك اتجاه لدى العائلات التي ترغب بإرسال أبنائها للدراسة أن تحضر لهذا الأمر قبل عامين من فحص القبول المفترض إجراؤه. فالاستثمار في التعليم المبكر لديه أعلى عائد على الاستثمار. وينمي التعليم الدولي الشباب بشكل متعدد، ليس فقط من وجهة نظر أكاديمية، ولكن أيضاً لتكوين شخصية قوية، واكتساب المهارات التي يحتاجون إليها طوال حياتهم. وهذا الاستثمار هو أساس النجاح “.

ويدعي مستشارو المؤسسة التعليمية IntegralEdu أن 100٪ من الطلاب الذين مروا بمؤسستهم قد واصلوا دراستهم في الجامعات في الخارج، تليها دراسات الماجستير بعد التخرج. ويبدو أن الطلاب الرومان يحظون بتقدير كبير للمسؤولية التي يظهرونها، سواء في البيئة الأكاديمية أو فيما بعد في الوظائف التي يحصلون عليها، حسب قول تيودورا رادوكانو.

وتنمي الدراسة في الخارج المهارات اللغوية وتزيد من فرص التوظيف. وحالياً، في أوروبا الغربية، يتحدث واحد من كل اثنين من المواطنين أكثر من لغة أجنبية واحدة، ويمكن لواحد من كل أربعة أوروبيين إجراء محادثة بلغتين. وارتفع بين عامي 2004 و2014 عدد الطلاب الذين يتكلمون لغتين أجنبيتين من 47٪ إلى 60٪. ولم يعد يكتفي الشباب بدرجة البكالوريوس، بل إنهم يختارون مواصلة دراسة الماجستير والماجستير في إدارة الأعمال. علاوة على ذلك، يتم حالياً التركيز بشكل أكبر على مبدأ التعلم مدى الحياة. وتقول تيودورا رادوكانو: “في الوقت الحالي، لا يستثمر سوى 12٪ من المواطنين الأوروبيين الذين تتراوح أعمارهم بين 25-64 في التعليم المستمر، لكن هذه العملية يجب ان تزداد”. وأضافت أن “كونك خريجاً لا يعني، كما تظهر الاتجاهات الجديدة، إتمام عملية التعلم. وسوف يستمر ذلك في أشكال مختلفة وأثناء العمل. وسوف يعمل معظم الطلاب الحاليين بوظائف غير موجودة حالياً. “

وفيما يتعلق بالأجيال الشابة، تبين أن الشباب لم يعد يميلون إلى الاحتفاظ بنفس الوظيفة طوال حياتهم المهنية. والآن هدفهم الذي يحققونه من خلال تغيير رب العمل بشكل متكرر، هو اكتساب خبرات وقدرات ومهارات متعددة. وحتى إذا كان الاستثمار في التدريب تقع مسؤوليته الآن على رب العمل، إلا أن الشباب سوف يضطرون إلى تحمل هذه المسؤولية في المستقبل.

وتتضافر جهود الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لدعم عملية التعلم مدى الحياة. فبعد مناقشات المفوضية الأوروبية في اجتماع ستراسبورغ، تم اقتراح سلسلة من التدابير لدعم هذه الفكرة. ويتعلق أحد هذه القرارات بمجال التعليم، حيث يلزم تدريب معلمي اللغات بحلول عام 2025 أو الدراسة لمدة ستة أشهر على الأقل خارج البلد الأصل. واليوم، فإن البلدان التي تحتل المراكز الأولى من حيث التعلم مدى الحياة هي السويد والدنمارك وفنلندا وفرنسا وهولندا ولوكسمبورج. وللأسف تحتل رومانيا المرتبة الأخيرة في هذا الفصل، وفقاً لإحصائيات المفوضية الأوروبية.

وأما من حيث الميزانية المخصصة للتعليم، فتحتل الدنمارك والسويد وفنلندا الأماكن الريادية، في حين أن رومانيا لا تزال في آخر الترتيب، مع تخصيص 2.9 ٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي لقطاع التعليم، وفي الوقت الذي يبلغ فيه متوسط الميزانية الأوروبية لهذا القطاع 5.4٪، يبلغ في أوروبا الشرقية 4.7٪.

(المصدر: صحيفة الأعمال بتاريخ 15/3/2018)