الاتحاد الأوروبي يتعمق في الشتاء الديموغرافي. ما هي الآثار على الاقتصاد والاستقرار السياسي؟

العام 2017 هي السنة الثالثة على التوالي التي يكون فيها التوازن الطبيعي لسكان الاتحاد الأوروبي سلبياً، وفقاً لأحدث بيانات يوروستات. فالسكان يزدادون، ولكن فقط بسبب استيراد الناس.

ويتحدث الأستاذ جيرار فرانسوا دومون François Dumont، وهو متخصص في علم السكان، ورجل الاقتصاد والجغرافي والمنظر لمفهوم “فصل الشتاء الديموغرافي”، في مقابلة مع صحيفة لو فيغاروا عن آثار هذه الاتجاهات. وهو قلق من هشاشة نموذج الحماية الاجتماعية في فرنسا، ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، والتباطؤ في النمو الأوروبي. وأيضاً، يقدر البروفسور أن فصل الشتاء الديموغرافي هو أصل الصراعات الحالية بين دول الاتحاد الأوروبي.

ويقول دومون إن أوروبا دخلت “الشتاء الديموغرافي” في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، عندما انخفض كثيراً معدل المواليد لأقل من 2.1 طفل لكل امرأة المعدل اللازم لضمان استبدال الأجيال. ومنذ عام 2015، دخل الاتحاد الأوروبي مرحلة جديدة، حيث يتم ضمان النمو الديموغرافي فقط من خلال الهجرة. لكن هذا الاتجاه غير منتظم في جميع أنحاء أوروبا. فهناك 15 بلداً معدل المواليد فيها أعلى من معدل الوفيات. وتنضم فرنسا وبريطانيا العظمى إلى هذه المجموعة.

وتقع ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا ضمن مجموعة الدول الـ 13 حيث معدل الوفيات فيها أعلى من معدل المواليد. لتفسير هذه الفوارق، يجب النظر إلى عاملين أساسيين. فمن وجهة نظر سياسية، هناك علاقة قوية بين الميزانيات المخصصة لسياسة الأسرة ومعدل المواليد. حيث كلما ارتفعت هذه الميزانيات، ارتفع معدل المواليد عن متوسط ​​الاتحاد الأوروبي. ثم، هناك جانب ثقافي مهم للغاية: في المجتمعات التي يكون فيها الزواج شرطًا لإنجاب الأطفال، تكون معدلات المواليد أقل بشكل عام.

إن عواقب تخفيض معدلات المواليد على الاقتصاد الأوروبي عديدة ولا ينبغي الاستهانة بها. فالانخفاض هو في المقام الأول أصل الانخفاض في عدد المستهلكين في دول الاتحاد الأوروبي وقوة التحفيز الاقتصادي. أو إذا كان النمو الاقتصادي الأوروبي ضعيف للغاية اليوم فلأن الاستهلاك لا يحفزه. هذا الوضع غير مواتٍ اقتصادياً للجميع. فعلى سبيل المثال، تتأثر الشركات الفرنسية المصدرة إلى جيران الاتحاد الأوروبي بشكل مباشر من انخفاض عدد المستهلكين وحتى انخفاض عدد السكان.

بالإضافة إلى ذلك، فإن انخفاض عدد السكان العاملين الذين لا يتم تأمينهم من خلال زيادة العمالة أو إنتاجية الموظفين سوف يؤدي إلى انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي. وتعود شدة الأزمات السياسية الأقل أو الأعلى بين دول الاتحاد الأوروبي إلى الشتاء الديموغرافي، وخاصة في ألمانيا.

وفي عام 2015، افتتحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل البلاد بالمزيد من المهاجرين بسبب انخفاض عدد العاملين في ألمانيا، من أجل التعويض عن النقص في اليد العاملة التي يتباكى عليها أرباب العمل وأما كلفتة إنسانية فبدرجة أقل.

في فرنسا، لم يتم الترحيب بقرار ميركل من قبل السياسيين، وهذا ليس فقط بسبب أن قرارها اتخذ من جانب واحد، ولكن أيضاً لأنه، على عكس ألمانيا، كان السكان النشطين لديها في ارتفاع ولا تشهد نقصاً في اليد العاملة. فقضية فرنسا هي تتعلق بالنوعية، وليس من حيث الكمية.

(المصدر: أجير برس بتاريخ 12/7/2018)