رومانيا في قمة بروكسل: نتائج أدنى من مستوى التوقعات مؤسسة جيمستاون (مؤسسة بحث وتحليل دولية)

مع اقتراب انتهاء أعمال قمة منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأخيرة (11-12 تموز) في بروكسل ببلجيكا أعلنت الخارجية الرومانية للجمهور، بشجاعة، أنها حققت كل ما صبت إليه (المصدر: راديو România Internaţional ، 14 يوليو). ومع ذلك، وعلى الرغم من الرسالة الإيجابية فإن تقييم بوخارست الرسمي لقمة بروكسل بدا متفائلاً جداً.

كان الهدف الرئيسي لرومانيا في قمة حلف الناتو هو إقناع أعضاء الحلف بمعاملة مناطق البحر الأسود المطلة على الضفة الشرقية لأوروبا بنفس أهمية مناطق بحر البلطيق المطلة على الضفة الشرقية لأوروبا.  تدرك بوخارست خلل الميزان الأمني في الجهة الشرقية للناتو، ففي الوقت الذي يتلقى به بحر البلطيق الكثير من الموارد فإن البحر الأسود يحصل على حصة أقل (انظر موقع EDM ، 15 تموز 2016). وعلى الرغم من الحقيقة أن رومانيا كانت المحور الرئيسي لأعمال عدائية روسية ومركز حشد عسكري روسي على مدى العقد الماضي (انظر موقعEDM ، 24 تموز 2016، و 12 نيسان 2017، و19  كانون ثاني 2018)، وعلى الرغم من سلوك روسيا العدواني فإن الدول الأعضاء في حلف الناتو في منطقة البحر الأسود ليس لديها نفس التقييم لحجم التهديد، بينما الدول أعضاء الناتو في بحر البلطيق يتشاركون نفس التقييم. ولهذا فإنه من الصعب التوصل إلى مقاربة أمنية إقليمية مشتركة، مما يضعف موقف رومانيا الدبلوماسي من الجناح الشرقي للحلف.

وكان الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس قبل قمة بروكسل قد استخدم ما اسماه تنسيق “بوخارست 9”  (رومانيا وبولندا وإستونيا وليتوانيا ولاتفيا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك وهنغاريا وبلغاريا) للدعوة إلى اتباع نهجٍ متكاملٍ وشاملٍ لأمن الدول الشرقية الأعضاء في حلف الناتو حيثُ قال “يجب تعزيز الجناح الشرقي للناتو، ويجب أن يتم ذلك بطريقة متماسكة ومتكاملة” (المصدر:Presidency.ro ، 8 تموز). وكان قد قال في وقتٍ سابقٍ، في نيسان 2018، بشكلٍ أكثر مباشرة: “نحتاج إلى جناحٍ شرقيٍّ محميٍّ بشكلٍ أفضل، يتضمن وجوداً متقدماً موحداً قائماً على مقاربة متكاملة من الشمال إلى الجنوب، من بحر البلطيق إلى البحر الأسود”

(المصدر: Presidency.ro ، 19 نيسان).

وتسعى رومانيا للتمتع بوضعٍ مشابهٍ لوضع بولندا ودول البلطيق من ناحية الحضور العسكري الأمريكي وحضور حلف الناتو على أراضيها (المصدر: RCD.com ، 18 تموز). وترغب رومانيا أن يتم رفع درجة “الوجود المضبوط المعزز” الذي تمّت الموافقة عليه في قمة حلف الناتو في وارسو عام 2016 إلى درجة “وجود متقدّم معزّز”.  ومن أجل إقناع حلفائها، أعربت بوخارست خلال العامين الماضيين عن رغبتها في تحمّل المزيد من أعباء الدفاع في منطقة البحر الأسود من خلال تخصيصها لـ 2 % من الناتج المحلي الإجمالي للدفاع، وعرضت، كجزءٍ من هذه الحملة الدفاعية، تمديد وتحديث قاعدة Mihail Kogălniceanu (M-K) الجوية، التي تستخدمها حالياً الولايات المتحدة (المصدر:Calea Europeană ، 15 شباط)، كي تضمن وجوداً أميركيّاً دائماً على أراضيها. علاوة على ذلك، تخطط بوخارست لنشر مزيد من القوات في أفغانستان، وأن تزيد عدد أفراد جنودها من حوالي 770 إلى أكثر من 950 فردًا (المصدر: RRA ، 13 تموز).

وعرض الرئيس يوهانس بعد القمة المكاسب الرئيسية لرومانيا؛ لكن ببساطة رصيده لم يزداد؛ فوفقا لرئيس الدولة فإن رومانيا حصلت على عدة مكاسب مثل قيادة فيلق على أراضيها، لواء متعدد الجنسيات دائم التواجد على أراضيها، وتكريس جلسة كاملة لقمة الناتو لبحث قضايا منطقة البحر الأسود (المصدر: Presidency.ro 12 تموز). ومع ذلك، فإن “إعلان قمة بروكسل” يشير فقط إلى عرض رومانيا للحصول على قيادة على مستوى فيلق؛ لكنه لا يشير صراحةً إلى أنها ستنشئ فيلقاً على أراضيها.  وفيما يتعلق باللواء متعدد الجنسيات المتمركز بالقرب من كرايوفا، فإن تغيير وضعه كان روتينياً -وهو جزء من اتفاق الإطار التشغيلي المتفق عليه قبل عامين، في قمة وارسو (المصدر: Nato.int ، 11 يوليو). وأخيراً، فإن الوثائق التي خرجت من جلسة يوهانيس المشار إليها – “اجتماع مجلس شمال الأطلسي على مستوى رؤساء الدول والحكومات مع جورجيا وأوكرانيا” – لم تتضمن أي إشارة إلى رومانيا وتتعامل فقط مع القضايا التي تؤثر على هاتين الدولتين شريكتا الناتو. (المصدر: Nato.int ، [2] [1]  ، و12 تموز). علاوة على ذلك، لا يوجد في السجل العام ما يشير، خلافاً لما قاله يوهانيس، إلى أن الجلسة نفسها انعقدت بناءً على طلب رومانيا (المصدر: Presidency.ro ، 12 تموز).

وبالنظر إلى التناقض بين النبرة المتفائلة للوفد الروماني ونتائج قمة بروكسل التي انعقدت هذا الشهر، كما يتضح من الوثائق الرسمية، يبدو أن بوخارست حصلت على القليل جداً –  وربما هناك حاجة إلى التحدث إلى الجمهور داخل رومانيا عن نتائج السياسة العامة، فهدف الحصول على وضعٍ مشابهٍ لوضع بولندا ودول البلطيق من حيث وضع جنوب شرق أوروبا ووضع الجناح الشرقي لها لم يتحقق.  قد تتمّ الموافقة على عرض رومانيا باستضافة قيادة على مستوى الفيلق في اجتماع وزاري لاحق، ولكن لم يتم الحصول على هذه الموافقة بعد. علاوة على ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت بوخارست قد تمكنت من إقناع الحلفاء الآخرين برؤيتها المتعلقة بمنطقة البحر الأسود، على الرغم من حقيقة أن المنطقة تحتل مكانةً بارزةً في إعلان القمة (المصدر: حلف الناتو، 11 تموز). من وجهة نظر سياسيّة، كانت قمة بروكسل خيبة أمل كبيرة لرومانيا.

(المصدر: مؤسسة جيمس تاون البحثية الدولية، بالإنكليزية، 23 تموز 2018

ونشرت في:  اوراسيا ديلي مونيتور، العدد 15: ص 109 )