إعادة الإعمار في سورية .. بين تطوير الصمود الاقتصادي وفرص الشركات الرومانية الخاصة

نظمت سفارة الجمهورية العربية السورية في رومانيا بتاريخ 11/12/2018 وبمباردة من المعهد السياسي والاقتصادي للشرق الأوسط في بوخارست، مؤتمراً اقتصادياً وسياسياً بفندق انتركونتيننتال بالعاصمة بوخارست تحت عنوان (إعادة الإعمار في سورية .. بين تطوير الصمود الاقتصادي وفرص الشركات الرومانية الخاصة)، وبالتعاون والتنسيق مع مؤسستي يوريسك وآفا كوم الدوليتين. ومع الإشارة بأن هذا المؤتمر يعد الأول من نوعه على مستوى الاتحاد الأوروبي.

ـ وقد شارك في أعمال هذا المؤتمر عدد من السفراء وممثلين عن البعثات الدبلوماسية لسفارات روسيا الاتحادية، الصين، جنوب أفريقيا، إيران، إندونيسيا، الجزائر، لبنان، الأردن، مصر ..، إضافة إلى عدد كبير من رجال الأعمال وممثلي الشركات الرومانية بلغ عددها 90 شركة ورجال أعمال وأصحاب شركات سوريين في رومانيا بلغ عددها 40 شركة.

ـ وجرت أعمال المؤتمر، بعد الافتتاح الرسمي، على جلستي عمل، الجلسة الأولى خصصت للجانب النظري تحدث بها المشاركون عن سورية ما قبل الأزمة، خلال الأزمة، وآثارها على الدولة السورية بكافة المجالات. بينما تم تخصيص الجلسة الثانية للحديث عن إعادة الإعمار في سورية مابعد الحرب وتم عرض جملة من مجالات العمل والفرص الاستثمارية بمختلف القطاعات التي يمكن للشركات الرومانية العمل بها.

ـ تم افتتاح المؤتمر بكلمة شاملة للسيد السفير د.وليد عثمان رحّب بمستهلها بالحضور والمشاركين، ثم تحدث بشكل موجز عن الوضع العام في سورية مؤكداً على الاستقرار الكبير الذي تشهده سورية في المجال الأمني والسياسي والاقتصادي، موضحاً بأن الحكومة السورية بات تسيطر الآن على حوالي 95% من الأراضي السورية، وبدأت الحياة تعود إلى كافة المدن والمناطق الأمر الذي يهيئ الظروف المناسبة للإقلاع بعملية إعادة البناء والإعمار والاستثمار في سورية. ثم تحدث عن علاقات الصداقة والتعاون التاريخية بين سورية ورومانيا التي بلغت ذروتها في العام 2010 عندما زار السيد الرئيس بشار الأسد رومانيا وتم توقيع حزمة واسعة من الاتفاقيات الثنائية في مختلف المجالات. ونوّه بالدور الكبير الذي لعبته رومانيا في الماضي بتطوير الاقتصاد السوري من خلال منشآت ومشاريع حيوية ضخمة، وأن لها تجربة رائدة في مجال البناء والاستثمار.

ـ وأكد أن الحكومة السورية باشرت بوضع الخطط الوطنية لإعادة الإعمار تشمل كافة القطاعات الحيوية.. مشيراً بأن هذه العملية تتطلب جهداً وتعاوناً من قبل السوريين ومشاركة من الدول الصديقة والحليفة. وأن القيادة السورية وعلى رأسها السيد الرئيس بشار الأسد أصدرت مجموعة من التشريعات والقوانين بهدف تشجيع وتسهيل عملية الاستثمار في سورية، وأن الحكومة السورية تقدم كافة التسهيلات من خلال مزايا العلاقة التشاركية بين القطاعات: العامة والخاصة والمشتركة، والحكومة هي المعنية بإصدار الموافقات وإبرام العقود وكل مايقال عن وجود شركات كبرى لدول حليفة مسؤولة عن توزيع العقود لهذه الجهة أو تلك هو عار عن الصحة تماماً. وأكد بقوله: نحن في السفارة السورية برومانيا مستعدون لتقديم كافة المساعدات الممكنة في هذا المجال.

ـ وأشار السيد السفير إلى العقوبات الاقتصادية والحصار الاقتصادي المفروض على سورية وأن بعض الدول الأوروبية انقادت وراء هذه العقوبات التي أضرت بشكل مباشر بالمواطن السوري.

وأن العام 2019 سيكون عام الانفتاح على سورية وانطلاق مسيرة الإعمار بوتيرة عالية، ودعا في نهاية كلمته الأصدقاء الرومان للمشاركة في عملية إعادة الإعمار. وأكد بأن هذا المؤتمر هو بداية طيبة في مسار تعزيز علاقات التعاون والعمل المشترك بين سورية ورومانيا وخطوة مشجعة للمشاركة في عملية إعادة الإعمار.

ـ ثم تحدث خلال جلستي المؤتمر عدد من أصحاب الشركات الكبرى والأكاديميين الرومان استهلها السيد فلافيوس كابا – ماريا رئيس المعهد السياسي والاقتصادي للشرق الأوسط الذي أشار إلى أهمية هذا المؤتمر الذي يهدف إلى إعادة إطلاق الحوار الاقتصادي والمناقشة الودية بين الجانبين السوري والروماني لاسيما بما يتعلق بمرحلة إعادة الإعمار وفرص الاستثمار للشركات الرومانية ولرجال الأعمال في القطاع الخاص للاطلاع على واقع الأمور في سورية، وعلى القطاعات التي سيتم إعادة تأهيلها وصيانتها وإنشائها ومجالات الاستثمار. مؤكداً أن الحكومة السورية لازالت قوية ومتماسكة وموحدة وقد تم هزيمة التنظيمات الإرهابية التخريبية من معظم أنحاء سورية وأصبحت معظم الأراضي تحت سيطرة الحكومة السورية. وأن معظم الدول اعتبرت بأن سورية قد ربحت الحرب وانتصرت على الإرهاب.

.. ودعا رجال الأعمال والشركات الرومانية للذهاب إلى سورية والاطلاع على خارطة المشاريع الاستثمارية بالتنسيق مع السفارة السورية في رومانيا .. حيث أن فرص الاستثمار كبيرة جداً ويمكن للشركات الرومانية المشاركة فيها..لاسيما وأن رومانيا كدولة أوروبية حافظت على علاقاتها مع سورية وخصوصاً خلال سنوات الأزمة، وكانت مواقفها متوازنة، ونتمى أن تكون رومانيا بطليعة المبادرين في عملية إعادة الإعمار.

ـ ثم تحدث البروفيسور الاقتصادي رادو موشيتيسكو مدير إدارة العلاقات الاقتصادية الدولية في أكاديمية العلوم الاقتصادية ASE ومدير العلاقات الدولية في معهد MEPEI. عن أهمية انعقاد هذا المؤتمر مشيراً إلى أن الظروف الدولية أصبحت مناسبة ومفيدة تجاه سورية ويمكن أن تتم عملية بدء الإعمار في سورية وإقامة المشاريع الاستثمارية فيها ..، ويمكن أن تكون رومانيا شريكاً مهماً في هذه العملية ولها فرص حقيقية بتنفيذ هذه المشاريع كونها ترتبط بعلاقات وثيقة مع سورية منذ أمد طويل.. ويساعدها بذلك وجود حكومة سورية قوية تسيطر على كافة أمور الدولة وظلت متماسكة منذ بداية الأحداث وحتى الآن.

 

ـ ثم تحدث السيد تيشربان تيودوراكي مدير عام شركة (ALFA COM الدولية) مؤكداً أهمية مشاركة الشركات الرومانية الخاصة في إعادة اللبناء والإعمار وإقامة المشاريع الاستثمارية في سورية نظراً للعلاقات التاريخية الترابطية بين رومانيا وسورية والعلاقات الاقتصادية التشاركية بين البلدين.. وللموقع الجغرافي والتاريخي الخاص لسورية القريب نسبياً من رومانيا، إضافة إلى دعوة الحكومة السورية لرومانيا للمشاركة بعملية إعادة الإعمار ، وأن فرص الاستثمار كبيرة وواسعة. وأكد بأنه من الممكن أن تقوم شركة ألفا بهذا المجال بالإعداد لزيارة ممثلين لها إلى سورية بالتنسيق مع السفارة .

ـ ثم تحدث السيد قسطنطين كيورتشيو المدير العام لشركة ( ROMVAC S.A ) للأدوية البيطرية والبشرية . عن المجالات الاستثمارية التي يمكن أن تقوم بها شركته وفروعها في مجال تصنيع الأدوية البيطرية والبشرية والبيولوجية واللقاحات المرخصة دولياً والمكتشفة حديثاً ولأول مرة لبعض الأمراض المستعصية من خلال شركته التي يعمل بها مئات الخبراء والأطباء الأخصائيين. ونحن نتقدم باسم شركتنا آملين أن نكون في قائمة الشركات الرومانية الخاصة التي يكون لها نصيباً في السوق السورية لمرحلة مابعد الحرب. التي انتصرت فيها الدولة السورية على الإرهاب.

ـ ثم تحدث السيد يوليان مارش، خبير اقتصادي، ونائب رئيس المعهد السياسي والاقتصادي للشرق الأوسط، مؤكداً عمق العلاقات التاريخية التي تربط رومانيا بسورية، ومشيراً بأن سورية جزء هام من التاريخ الروماني وكذلك هي رومانيا بالنسبة لسورية. ولفت إلى زيارة الرئيس الخالد حافظ الأسد إلى رومانيا وزيارته مع الرئيس الراحل تشاوشيسكو لمعمل النبيذ في مورفتلار، وكذلك زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إليها في العام 2010، وبهذا المؤتمر فإننا نؤكد على ضرورة استمرار وتطوير هذه العلاقات المتميزة بين البلدين وإعادتها إلى وضعها السابق. وأثنى على موقف رومانيا السياسي الشجاع تجاه سورية خلال سنوات الأزمة وإبقاء السفارتين الرومانية في دمشق والسورية في بوخارست. وأشاد بالدور الذي يقوم به الرئيس السوري بشار الأسد في مواجهة الإرهاب وبردة فعله الشجاعة تجاه شعبه حيث كان بمثابة الأب للجميع. فهل يترك صاحب المنزل بيته وأهله إذا تعرّض منزله للخطر؟. وأشار إلى ضرورة صناعة أفلام عن سورية والترويج لها في رومانيا كونها تعتبر بوابة سورية إلى أوروبا..، ثم دعا أصحاب الشركات الرومانية بالدخول إلى سوق الاستثمار الواعد في سورية .

ـ ثم تحدثت البروفسورة إيكاترينا ماتسوي مديرة البرامج في معهد MEPEI ، حيث قدمت دراسة أكاديمية موثقة حول الدول التي دمرتها الحروب والإرهاب .. وإعادة الإعمار بعد الحرب من خلال المقارنة بين عدد من الدول مابعد الحرب والوضع في سورية. حيث أكدت أن عملية إعادة الإعمار تختلف جذرياً، بسبب انهيار مؤسسات تلك الدول وعدم وجود حكومات، والتدخلات الخارجية الكبيرة الأمر الذي أعاق عملية إعادة الإعمار فيها. أما في سورية فالوضع مختلف كلياً لأن الدولة السورية تسيطر تحكم قبضتها على كافة الأمور وباتت تسيطر على غالبية الأراضي السورية، كما أن الجيش السوري أثبت جدارته ووطنيته تجاه بلده، كما توجد حكومة مستقرة ظلت متماسكة منذ بداية الأزمة وحتى الآن وهي صاحبة القرار في الدولة.

ـ وبعد ذلك تمت مداخلات من قبل المشاركين بالمؤتمر من أصحاب الشركات الرومانية والسورية تركزت حول ضرورة إعادة العلاقات الاقتصادية الرومانية السورية إلى سابق عهدها، وعن تميّز الشركات الرومانية وتشجيعها للدخول في السوق السورية بمرحلة إعادة الإعمار ومساعدتهم من قبل السفارة من خلال تقديم معلومات وتوضيحات عن فرص الاستثمار بسورية. وكان من أبرزها مداخلات السادة:

( السيد الكساندرو جورجيسكو، خبير ومحلل استراتيجي – السيد لوتشيان بريدويو مدير في شركة CondMag المتخصصة بتصنيع أنابيب نقل النفط والغاز – جورجي بادالا المدير التجاري لشركة UZINEXPORT المتخصصة بمجال مصانع الاسمنت والمنشآت الكبرى – السيد يون دوميتراكي – رئيس الشركة البحرية Medi المتخصصة في مجال تعمير وصيانة السفن – دينس دياكونيسكو – مدير عام مجموعة المبادرة المهنية للبيوكيما – السيد  السيد رامز حربا صاحب شركة Darinne للمنتجات الغذائية، والسيد ماهر قدور صاحب شركة Kadour Farma للأدوية، والسيد حامد ياسين صاحب شركة Green Soft للمعلوماتية ، والسيد خلدون العطار صاحب شركة A&B Trading للعقارات والنسيجيات، والسيد عمار عون صاحب شركة Stomasan المتخصصة بطب الأسنان ).

ـ وقد أجاب السيد السفير د. وليد عثمان خلال جلستي المؤتمر على كافة الأسئلة التي طرحها المشاركون، وتم في نهاية المؤتمر إصدار توصيات تتضمن رغبة الشركات الرومانية بالمشاركة في عملية إعادة الإعمار والاستثمار في سورية، ورفع العقوبات الاقتصادية الجائرة على سورية. كما تضمنت الدعوة إلى عقد مؤتمرات لاحقة للحصول على معلومات أكثر عن الاستثمار في سورية.