(التتريك والتغيير الديمغرافي) مخطط أردوغان العثماني لمناطق شمال سورية وليبيا

دمشق-سانا

يكثف رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان عمليات التتريك الممنهجة في المناطق التي احتلتها قواته في شمال سورية مستنداً إلى أدواته من التنظيمات الإرهابية التي تنفذ أجنداته العثمانية بعدما فشلت مخططاته الكبرى في سيطرة الإرهابيين على سورية ولا يختلف الأمر في ليبيا حيث يعمل على إثارة الانتماء التركي لعدد من الليبيين من أصول عثمانية إبان الاحتلال العثماني للوطن العربي.

سياسات التتريك والتغيير الديمغرافي أخذت منحى تصاعدياً خلال الفترة الماضية في المناطق التي احتلتها قوات النظام التركي شمال الحسكة والرقة وحلب وبدأت تتضح معالمها مع قيامها بتهجير مئات الألاف من السوريين من منازلهم وتدمير المستشفيات والمدارس والبنى التحتية برمتها لطمس هويتها ومحو ذاكرتها وتزوير تاريخها بحسب أهالي المنطقة الذين أكدوا أن عمليات توطين منظمة للإرهابيين وعائلاتهم تتم بخطط تركية في منازل الأهالي الذين تم تهجيرهم منها بالقوة بهدف إحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة.

وسائل إعلام وكتاب أتراك كشفوا أن ادعاءات أردوغان بشأن مبررات احتلاله لأجزاء من الأراضي السورية غير صحيحة ووصفوها “بالباطلة وأن هدفها واضح هو تتريك المنطقة والسيطرة عليها اقتصادياً وثقافياً واحتلالها جغرافياً”.

سياسة التتريك بدأت منذ اجتياح قوات الاحتلال التركي لمدينة عفرين في الـ 18 من آذار عام 2018 حيث عمد نظام أردوغان إلى إطلاق أسماء تركية على الساحات الرئيسة والبلدات والقرى التابعة للمدينة فاستبدل اسم بلدة قسطل مقداد ليصبح “سلجوقى أو باصي” وأطلق اسم “أتاتورك” على الساحة الرئيسة في مدينة عفرين وتعدى ذلك إلى تغيير معالم المناطق فيها بما ينسجم مع أوهام أردوغان العثمانية القائمة على الاحتلال والسلب وانتهاك القوانين والمواثيق الدولية.

وبحسب المصادر الأهلية فإن النظام التركي عمد إلى تتريك المدن والقرى والبلدات السورية الواقعة شمال البلاد مثل أعزاز والباب وجرابلس شمل إطلاق أسماء ضباط أتراك قتلوا خلال اجتياحهم الأراضي السورية على المدارس السورية وفرض المناهج واللغة التركية في المدارس ورفع علم الاحتلال التركي عليها.

ليس هذا فحسب بل عمد النظام التركي إلى فتح فروع للجامعات التركية في المناطق التي احتلتها قواته وكذلك فروع للبنوك ومكاتب الصرافة والتعامل بالعملة التركية ناهيك عن تعيين ولاة أتراك لبعض المناطق السورية وتتبيعها إدارياً للنظام التركي.

كما عمدت قوات النظام التركي إلى بناء جدار إسمنتي في محيط مدينة عفرين لعزلها عن محيطها الجغرافي الطبيعي كجزء لا يتجزأ من الأراضي السورية وتقطيع أوصال المنطقة عن بعضها وذلك كمرحلة أولى من خطة الاحتلال يواصل تنفيذها لبناء نحو 70 كم من الجدار في المنطقة داخل الأراضي السورية مع أبراج المراقبة وهو جدار يحاكي جدار الفصل العنصري الذي أقامته قوات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة لتقطيع مناطقها وحرمان الأهالي من أراضيهم وممتلكاتهم.

المصادر أكدت ان نظام أردوغان الإخواني يستكمل الآن فصول التتريك والاحتلال في منطقة رأس العين التي يعمل على بناء جدار عازل بريف مدينة رأس العين شمال غرب الحسكة بالقرب من الحدود التركية بالتعاون مع مرتزقته الإرهابيين لعزل البلدة عن محيطها يضاف إلى ذلك جرائم نهب وتدمير الأثار السورية في المناطق التي استباحوها في محاولة لطمس الهوية التاريخية والحضارية السورية.

المناطق التي احتلتها قواته ومرتزقته من الإرهابيين في الرقة والحسكة تشهد توطيناً متصاعداً لعائلات الإرهابيين من جنسيات مختلفة فيما تؤكد تقارير لمنظمات دولية أن النظام التركي يستغل قضية اللاجئين السوريين لفرض تغيير ديمغرافي في تل أبيض بريف الرقة ورأس العين بريف الحسكة.

مواقع إعلامية وصحف معارضة لسياسات النظام التركي كشفت أن نظام أردوغان يحاول ترسيخ احتلاله للمناطق السورية عبر طباعة خرائط جديدة تظهر تلك المناطق على أنها تابعة لتركيا وهذا ما كشفه أيضاً الكاتب التركي جتين غورر في مقال نشره موقع أحوال التركي حيث أكد أن الخرائط التي تعرض مؤخراً في وسائل إعلام حزب العدالة والتنمية الحاكم تكشف وجه نظام أردوغان الحقيقي فهي تصور توسع تركيا وتمددها بحيث تضم مناطق من سورية والعراق وغيرها.

وأشار الكاتب إلى أن الجانب الأخطر في سياسة التتريك يأتي من بوابة التعليم بهدف فرض اللغة والتاريخ التركيين على الطلبة السوريين بكل ما يحمله ذلك من عملية تزوير للحقائق والوقائع التاريخية والثقافية والعلمية.

سياسة التتريك الأردوغانية لم تقف عند حدود المناطق التي احتلها في سورية بل وصلت حتى الأراضي الليبية حيث كشفت وسائل إعلام ليبية أن أردوغان يسير في المناطق التي استباحها هناك بنفس مخطط التتريك الذي ينفذه في سورية في سياق إحياء أوهامه العثمانية البائدة عبر إعادة إحياء الهوية العثمانية لدى أعدد من الليبيين من أصول تركية يعيشون فيها منذ الاحتلال العثماني للوطن العربي.

وتؤكد مصادر ليبية وتركية معارضة أن أردوغان يسلح الليبيين من أصول تركية ويرفدهم بإرهابيين من سورية ويقود العمليات القتالية عبر طيرانه لتحقيق أطماعه هناك.

الأطماع العثمانية في الوطن العربي ليست جديدة وهي تعود إلى أيام انهيار الإمبراطورية العثمانية واندحار الاحتلال التركي عن الوطن العربي قبل مئة عام ونيف وتجددها هذه الأيام باستخدام الإرهاب لن تجدي نفعاً ولن يستطيع أردوغان أن يستعيد أحلام السلطنة خصوصاً مع تحطم أحلامه الكبرى على الصخرة السورية.

عدنان الأخرس