مقال تحليلي – يتظاهر كل من PNL وPSD التفاوض على تشكيل حكومة جديدة. في الواقع، هما في حملة انتخابية للانتخابات المبكرة

بقلم الصحفي يون كريستيو

بدأت يوم الثلاثاء بتاريخ 8 تشرين الثاني 2021 المفاوضات بين الحزب الوطني الليبرالي PNL والحزب الاجتماعي الديمقراطي PSD وحزب الاتحاد الديمقراطي للمجر في رومانيا UDMR لتوقيع اتفاق حكومي مما يترك انطباعاً عاماً بجدية كبيرة. وتم الإعلان عن مواقف الوفود قبل بدء المفاوضات وتم إنشاء ما يسمى باللجان للتفاوض حسب المواضيع العملية وكل ساعة يخرج قادة الحزبين، بالإضافة إلى أعضاء آخرين في الإدارتين، في الفضاء العام للإدلاء بتصريحات حول تقدم المفاوضات.

وما كتبته ليس صدفة (“يتظاهر كل من PNL وPSD التفاوض”) بل هي عبارة مقصودة فالحزبان يعطيان الانطباع فقط بأنهما يتفاوضان على تشكيل حكومة جديدة.

في الواقع ما يقوم به الحزبان PNL وPSD هو حملة انتخابية واضحة.

وليس من أجل تحسين صورة الحزبين في استطلاعات الرأي، بل من أجل الانتخابات المبكرة المتوقعة وهي الانتخابات التي يرى كلا الحزبين الآن أن لا مفر منها والتي لم يكن يريدها حتى يوم أمس إلا حزب PSD فقط. لكن أصبح الآن كل من PNL وفلوين كتسو يريدها أيضاً.

وعلى ماذا أعتمد عندما أقول هذا؟ على التالي:

  1. تجري الإعلانات والتصريحات الرسمية حول المفاوضات لصالح الطرفين لإرضاء ناخبيهما وليس لتسهيل إبرام اتفاق حقيقي بينهما. ويتفاوض كل من حزب PNL وPSD أو بالتعبير الأدق يتظاهران بالتفاوض مع التركيز على ناخبيهما. ولا يبدو أن أحداً مهتماً بإيجاد أرضية مشتركة أو حجج لتشكيل حكومة معاً. بل يبدو أنهم مهتمون فقط بالفوز بأكبر عدد ممكن من الناخبين. ويقترح PSD إجراءات شعبوية، ويأتي PNL بإجراءات يمينية على الرغم من أن بعضها لم يكن ضمن اهتمامات الحزب الليبرالي حتى الآن. وكل عروض البرامج هذه لها ما يبررها إلى حد ما. فتولي القيادة الحالية لحزب PSD اهتماماً بالناخبين الشعبويين الذين يمكن أن ينتقلوا في أي لحظة إلى حزب AUR أو إلى حزب APP وهو حزب ليفيو دراغنيا Liviu Dragnea الجديد. كما أن قيادة حزب PNL هي هدف لحملة صحفية تهدف إلى تشويه صورتها من خلال خلق صورة خائن لمثل اليمين. وبالنظر عن كثب إلى البيانات التي تم الإدلاء بها خلال هذه المفاوضات، سنرى أن اهتمامات الطرفين تهدف إلى التأكيد على ما يفرقهما وليس ما يقربهما. رومانيا كدولة نامية لديها العديد من المشاكل لدرجة أنه من المستحيل ألا يجد الحزبين (حتى ولو كان بين هذين الحزبين عدوانية تاريخية) عدد من المشاكل المشتركة يمكنهما إيجاد الحلول المشتركة، بغض النظر عن الأيديولوجيات المختلفة للطرفين. ولم تشر تصريحات قادة الحزبين للحظة هذه حتى إلى مشكلة واحدة يمكن حلها بالتحالف بينهما. لقد أشاروا فقط إلى كل ما يفصل بينهما. وفي بعض الأحيان يكون لديك انطباع واضح بأن المفاوضات هي ذريعة للطرفين للإعلان عن عرضهما الانتخابي.

عادة لا يتم الإدلاء ببيانات عامة حول المفاوضات الجارية إلا بشكل قليل جداً. لكن المفاوضات بين PSD وPNL تتصف الآن بالكشف العام العلني الواسع عن جميع نقاط الاختلاف. وأعلن سورين إريندانو من PSD أنه خلال المفاوضات اقترح حزبه فرض ضرائب على الرفاهية أي حركة انتخابية لحزب يساري. ثم يأتي فلورين كتسو على الفور ويعلن أن حزبه يعارض مثل هذا الشيء وأن حزبه هو حزب لليمين. إذن ما هو القاسم المشترك بينهما؟ لا أحد يتحدث عنه.

  1. عندما شكل PSD وPNL أول تحالف سياسي وانتخابي بينهما قبل بضع سنوات والذي سمي حينئذٍ باسم USL حاول كل حزب تقديم تبرير مقنع للحاجة إلى هذا التحالف بين حزبين متعارضين أيديولوجياً.

وأشار كرين أنتونيسكو من PNL وفيكتور بونتا من PSD آنذاك إلى دكتاتورية الرئيس ترايان باسيسكو وإلى انتهاكات نظام القوة واضطهاد المعارضة والصحافة المستقلة.

فكيف يبرر قادة حزب PNL الآن الاتفاق الحكومي المحتمل المبرم بعد المفاوضات؟

دعونا نستمع إلى فلورين كتسو، رئيس PNL:

“علينا أن ننظر في كيفية وصولنا إلى هنا اليوم. لسوء الحظ صافح شريكنا السابق  USR حزب الـ PSD ولم يرغب في مصافحتنا ونحن هنا اليوم ويتعين علينا تشكيل حكومة للرومانيين”.

لماذا يتحالف حزب PNL مع PSD في رأي فلورين كتسو؟ هل هذا لأن كلا الطرفين لديهما نقاط مشتركة فيما يتعلق بالعديد من الحلول المتعلقة بإعادة تشكيل رومانيا؟ لا. هل لأن كلا الحزبين يستطيعان ضمان أغلبية مريحة في البرلمان لتمرير مشروع قطري حقيقي؟ لا.

في رأي فلورين كتسو، تحالف حزبه مع PSD فقط لأنه لم يستطع التحالف مع USR مرة أخرى. بقي USR على طلباته وشروطه من PNL ثم قرر PNL التحالف مع PSD. لا نجد مبرراً مقنعاً لهذا القرار لدى الذين صوتوا لبدء المفاوضات. وعلاوة على ذلك يعطي جميع قادة حزب PNL الذين يريدون تحالفاً مع PSD انطباعاً بأنهم يخجلون مما يفعلونه. لكن لماذا يخجلون إذا هم من قرروا؟ لأنهم يستعدون أيضاً للانتخابات المبكرة.

ولو لم يستعدوا للانتخابات المبكرة، فكان لديهم الشجاعة لمواجهة تهم الخيانة التي نشاهدها في الفضاء العام ضدهم.

ونرى في PSD أن على الرغم من عدم رضا الجميع عن التعايش مع PNL وبعد قرار هيئة الإدارة الجماعية للحزب توقفت الأصوات المنتقدة لبدء المفاوضات. ونرى العكس في PNL حيث ازداد عدد الأصوات الناقدة داخل الحزب والنقاد ليسوا من جماعة أوربان فقط بل هي أيضاً من قادة PNL من مجموعة كتسو. في الواقع، أكبر خصم للتحالف مع PSD هو فلورين كتسو نفسه، حتى لو كان ذلك فقط لسبب أن تحالف PNL – PSD – UDMR يعني استبعاده من منصب رئيس الوزراء. وهو يعلم أيضاً أن حكومة مع رئيس الوزراء بشخص نيكولاي تشيوكا تعني نقل الحزب بأكمله من سلطته الشخصية إلى سلطة نيكولاي تشيوكا. والأسوأ من ذلك هو أن فلورين كتسو هو مصدر كل المعلومات الخاطئة في الصحافة حول المفاوضات. وعلى عكس المظاهر ليس لودوفيك أوربان من ينشر المعلومات الكاذبة بل فلورين كتسو. فلورين كتسو هو أيضاً الشخص الذي يدعم سراً المعارضين العامين للمفاوضات. ومع ذلك، اتخذ فلوين كتسو قرار بدء هذه المفاوضات. لماذا ا؟

لسببين:

1) من أجل عدم مواجهة كلاوس يوهانيس مباشرة وعلانية.

2) عدم تحمل المسؤولية لاحقاً عن الكارثة في حزب PNL إذا تمت الانتخابات المبكرة.

(المصدر: الموقع وكالة ميديافاكس للأنباء https://www.mediafax.ro ، بتاريخ 11/11/2021)